للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الأول: شهادات المنصفين على أن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه]

إن من سنن الله في خلقه حينما خلقهم أن جعل منهم المؤمن والكافر, والعاقل والجاهل, فالعاقل إذا وجد الحق وعرفه لن يتردد في مناصرته ومساندته, ولو بأدنى كلمة يعبر فيها عمَّا وصل إلى قلبه من التأثر بآيات القرآن الكريم, وأما الجاهل والجاحد فإن مصيبته كبيرة, وهي أنه لا يريد أن يفهم, ولا يريد أن يعقل مع أنه يرى آيات الله تتلى عليه وهو متيقن بأنها الحق, ولكنه يجحدها, وهؤلاء وصفهم الله بقوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (١) , وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (٢).

ولكننا سنذكر هنا شهادات لمجموعة من كبار أهل الكتاب الذين قاموا بدراسة القرآن الكريم بموضوعية, وقد عبروا عما توصلوا إليه ببعض الكلمات, وبعضهم هداهم الله وشرح صدورهم للإسلام, وينطبق على هؤلاء قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (٣) , وقوله تعالى: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (٤).

قال الشوكاني (٥) رحمه الله في تفسير هذه الآية: "يهدون بالحق أي: يدعون الناس إلى الهداية حال كونهم متلبسين بالحق, وبه أي: بالحق. يعدلون بين الناس في الحكم" (٦).

ومن هؤلاء الدكتور موريس بوكاي (٧) وهو يتحدث عن القرآن الكريم بقوله: " ودون أي فكرة مسبقة، وبموضوعية تامة أجدني أتوجه باحثاً عن درجة التوافق بين نص القرآن ومعطيات العلم


(١) سورة النمل الآية: (١٤).
(٢) سورة العنكبوت الآية: (٤٣).
(٣) سورة آل عمران الآية: (١٩٩).
(٤) سورة الأعراف الآية: (١٥٩).
(٥) الشوكاني: هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ولد عام ١١٧٣ هـ، وتوفي في صنعاء عام ١٢٥٠ هـ له عدة مؤلفات منها: تفسير فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية, نيل الأوطار، والسيل الجرار. انظر: البدر الطالع (٢/ ٢١٥) مرجع سابق.
(٦) انظر: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، (٢/ ٢٥٥) المؤلف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، الناشر: دار الفكر بيروت.
(٧) موريس بوكاي طبيب فرنسي، رئيس قسم الجراحة في جامعة باريس، اعتنق الإسلام عام ١٩٨٢ م، ويعتبر كتابه (التوراة والقرآن والعلم) من أهم الكتب التي درست الكتب المقدسة على ضوء المعارف الحديثة, وله كتاب بعنوان (القرآن الكريم والعلم العصري) منحته الأكاديمية الفرنسية عام ١٩٨٨ م جائزة في التاريخ. انظر: كتاب ربحت محمداً ولم أخسر المسيح (ص: ٥٥) , المؤلف: الدكتور عبد المعطي الدالاتي, الناشر: مؤسسة الرسالة والشركة المتحدة للتوزيع سوريا.

<<  <   >  >>