للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورتب على الوفاء بذلك الأجر العظيم والفضل الجزيل, ولكنه توعد من أخلف عهده وميثاقه باللعنة, وجعل القلوب قاسية, وإلقائه العداوة والبغضاء بين من يتصفون بهذا الخلق الذميم إلى يوم القيامة, كما سنبينه في الآيات التالية:

[الفرع الأول: الآيات التي تحذر أهل الكتاب من نقض العهود والمواثيق]

قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (١).

وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (٢).

وقال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (٣).

فهذه الآيات من الخطاب القرآني لأهل الكتاب تدل على وجوب الوفاء بالعهد وتؤكد على حرمة الغدر والخيانة.

وجميع الآيات التي ورد فيها لفظ العهد أو الميثاق فإنها تدل دلالة واضحة على منطوق العهد والميثاق أو مفهومه, وكل ما صدق عليه اسم العهد فرعايته من الإيمان, كما أن التفريط فيه من الكفر (٤).

ونظراً لأهمية الوفاء بالعهود والمواثيق فقد أوجب الله على عباده الوفاء بعهودهم ومواثيقهم وأكد على ذلك أنه سيسألهم عنها يوم القيامة, بقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (٥).

ولكننا نلاحظ في عصرنا الحديث أكثر أهل الكتاب قد أصبح نقض العهود والمواثيق عمداً من أخلاقهم الثابتة التي تؤكد لنا تماديهم في فسقهم وضلالهم كأسلافهم, كما قال تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (٦).


(١) سورة المائدة الآية: (١٣).
(٢) سورة النساء الآية: (١٥٥).
(٣) سورة المائدة الآية: (١٤).
(٤) انظر: العهد والميثاق في القرآن الكريم (ص: ١٤٨ - ١٤٩) , المؤلف: الدكتور ناصر بن سليمان العمر.
(٥) سورة الإسراء الآية: (٣٤).
(٦) سورة الأعراف الآية: (١٠٢).

<<  <   >  >>