للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الثالث: آداب الجدال مع أهل الكتاب]

ينبغي لمن أراد أن يجادل أهل الكتاب أن يكون مطلعاً على بعض مما عندهم, كمعرفة شبهاتهم التي يرددونها حتى يرد عليها ويسهل الحوار معهم, وأن يكون عالماً ومطلعاً على الأدلة التي يقتنع بها خصمه سواء كانت هذه الأدلة عقلية أو نقلية, وأن يختار الزمان والمكان المناسب الذي يشعر فيه أن الخصم مهيأ لقبول الحق بالجدال معه أو الحوار, ويدل على هذا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما قال له اليهودي: {جِئْتُ أَسْأَلُكَ. فقال له رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إن حَدَّثْتُكَ؟ قال: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ, فَنَكَتَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعُودٍ معه فقال: سَل} (١).

وقد ذكر بعض العلماء (٢) مجموعة من الآداب للجدال مع أهل الكتاب وغيرهم فمنها ما يلي:

١ - التزام القول الحسن, وتجنب منهج التحدي والإفحام قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (٣) , وقوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} (٤).

٢ - الالتزام بوقت محدد في الكلام, ولا يسترسل فيه حتى يخرج عن حدود الأدب والذوق الرفيع.

٣ - حسن الاستماع والتزام أدب الإنصات, وتجنب المقاطعة حتى تتضح الآراء, ويتم تحديد نقاط الخلاف وأسبابها للقيام بمعالجتها وتنقيحها.

٤ - حصر المناظرات في مكان محدود حتى لا يتشتت الفكر فلا تؤتي المناظرة ثمرتها.

٥ - الإخلاص والتجرد في قبول الحق.

وقد أضاف الشيخ السعدي في تفسيره للآية السابقة التي تتحدث عن الجدال مجموعة من الشروط والآداب التي ينبغي أن يتحلى بها كل من أراد أن يجادلهم, فمنها:

١ - النهي عن مجادلة أهل الكتاب إذا كانت عن غير بصر من المجادل, وبغير قاعدة مرضية.

٢ - أن يجادلوا بحسن خلق ولطف ولين كلام, ودعوة إلى الحق بتحسينه, ورد الباطل وتهجينه.


(١) أخرجه مسلم, كتاب الحيض باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما, (١/ ٢٥٢) برقم: (٣١٥) مرجع سابق.
(٢) انظر: أصول الحوار وآدابه في الإسلام (ص: ٢٥) , المؤلف: الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد, الناشر دار المنارة للنشر والتوزيع جدة مكة, الطبعة الأولى عام (١٤١٥ هـ ١٩٩٤ م).
(٣) سورة البقرة الآية: (٨٣).
(٤) سورة الإسراء الآية: (٥٣).

<<  <   >  >>