للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) , وقوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢).

وفي هذه الآيات دلالة واضحة على أن موقف أهل الكتاب من خطابه تعالى أنهم واجهوه بقولهم سمعنا وعصينا, مع أنهم عاهدوا الله أنهم سيؤمنوا ويصدقوا بكل ما جاء به موسى - عليه السلام - , فلما رفع عنهم العذاب إذا ينكثون.

[المطلب الثالث: الآيات الواردة في الأمر بإقامة التوراة والإنجيل والقرآن والعمل بما فيهما.]

[الفرع الأول: آيات الخطاب القرآني التي تأمر بإقامة كتب الله والعمل بما فيها]

إن من خطاب الله لأهل الكتاب في القرآن الكريم أنه أمرهم بالإيمان بجميع الكتب السماوية, وإقامة كل ما شرعه لهم إقامة صحيحة تخرجهم عن الضلال الذي هم عليه, وهذا يتضح من خلال الكثير من النصوص القرآنية كما يلي:

١ - قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (٣).

فقد أمر الله رسوله في هذا الخطاب بأن يبين لليهود والنصارى ضلالهم, وأن يبلغهم أيضاً أنهم ليسوا على شيء من الهداية حتى يقيموا التوراة والإنجيل والقرآن الذي جاءهم به محمد - صلى الله عليه وسلم - , وقد بين الإمام الطبري أن معنى ذلك أن عليكم يأهل الكتاب أن تؤمنوا بالكتب كلها, وتؤمنوا بما فيها من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتصديقه, وتقروا بأن كل ذلك من عند الله, فلا تكذبوا بشيء منه, ولا تفرقوا بين رسل الله فتؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض, فإن الكفر بواحد من ذلك كفر بجميعه؛ لأن كتب الله يصدق بعضها بعضاً, فمن كذب ببعضها فقد كذب بجميعها" (٤).


(١) سورة البقرة الآية: (٩٣).
(٢) سورة الأعراف الآية: (١٧٢).
(٣) سورة المائدة الآية: (٦٨).
(٤) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن (٦/ ٣٠٩) مرجع سابق.

<<  <   >  >>