تناولت هذه الدراسة الخطاب القرآني الموجه لأهل الكتاب والمتعلق بسلوكهم قديماً وحديثاً, واستهدفت الدراسة بيان مواقفهم من ذلك الخطاب قديماً وحديثاً, ودعوتهم إلى منهج الله الواضح القويم، والنزول عند أمره ونهيه، وقد اتبعت في هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي, حيث قمت بجمع الآيات القرآنية التي اشتملت على الخطاب القرآني الموجه لأهل الكتاب, ثم قمت بدراسة تلك الخطابات دراسة تحليلية موضوعية؛ لمعرفة الظواهر والأخلاق التي كان هدف الخطاب القرآني المتعلق بأهل الكتاب التحذير منها وتقويمها, وقد توصلت من خلال ذلك إلى النتائج التالية: أن الخطاب القرآني هو خطاب عالميٌّ شامل لجميع البشر, فقد تناول جميع الجوانب المتعلقة بسلوك أهل الكتاب وصفاتهم, ووصف الطرق المناسبة التي تقي منها وتدحض أكاذيب أهل الكتاب وغدرهم وأخلاقهم بأسلوب بليغ سهل ميسر, وأن معتقدات أهل الكتاب حديثاً لا تختلف عن معتقدات أسلافهم قديماً, وأنهم لا يزالون في شتى عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم على ما كانوا عليه قديماً, وأن موقفهم من الخطاب القرآني كان موقفاً سلبياً؛ كونهم لم يحققوا الالتزام بما أمر الله به, فهم شر خلف لشر سلف, فالشرك والنيل من الرسل ونقض العهود والمواثيق, والغلو والتحريف تعتبر أوصافاً لازمة لهم, فهم فتنة الأجيال قديماً وحديثاً, وأن أهل الكتاب ما فتأوا يمارسون التحريف والإخفاء للكتب السماوية المنزلة عليهم إلى يومنا هذا, وهذا الأمر أوجد بينهم العداوة والبغضاء, وجعل كتبهم تخرج متناقضة شكلاً وموضوعاً مع العلم الحديث في الجوانب المختلفة، وذلك بخلاف القرآن الكريم كلام الله الحق الذي تكفل الله بحفظه إلى يوم القيامة, فباءت بالفشل الذريع كل محاولاتهم البائسة لتحريفه, وأن عوام أهل الكتاب وصلهم الدين الإلهي عموماً محرفاً مشوهاً من قبل أحبارهم ورهبانهم, وكذلك وصلهم دين الإسلام مشوهاً؛ فسبَّب ذلك لأكثرهم النفور من
التدين وترك الانتماء إلى الدين جملةً, وانتقلوا إلى الإلحاد والعلمانية اللادينية, وهم اليوم بحاجة إلى دعوة الإسلام العظيم التي تبين لهم حقيقته المثلى, وتكشف لهم أهميته العظمى, وأنه دين الله الخاتم الذي جاء به جميع رسل الله وأنبيائه عليهم السلام.