للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (١) فأتباعهم من باب أولى, وهذا هو العهد الذي نقضه أهل الكتاب.

[الآية الثانية]

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ} (٢).

[الفرع الثاني: معاني العهود والمواثيق]

وقد ذكر الإمام الطبري معاني هذا العهد في هذه الآية, ونحن نلخصها فيما يلي:

الأول: " أنه وصية الله إلى خلقه، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته، في كتبه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ونقضُهم ذلك: تركُهم العمل به.

الثاني: أنه العهدُ الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صُلب آدم، الذي وصفه في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (٣) ونقضُهم ذلك: تركهم الوفاء به.

الثالث: أن عهدَ الله الذي نقضوه بعدَ ميثاقه هو ما أخذه الله عليهم في التوراة منَ العمل بما فيها، واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا بُعث، والتصديق به وبما جاء به من عند ربهم, ونقضُهم ذلك هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته، وإنكارهم ذلك، وكتمانهم علمَ ذلك عن الناسَ، بعد إعطائهم اللهَ من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه, فأخبر الله جل ثناؤه أنهم نبذوه ورَاء ظهورهم, واشتروا به ثمنًا قليلا.

الرابع: أن الله عنى بهذه الآية جميع أهل الشرك والكفر والنفاق, وعهده إلى جميعهم في توحيده ما وضعَ لهم من الأدلة الدالة على ربوبيته, وعهدُه إليهم في أمره ونهيه ما احتجَّ به لرسله من المعجزات التي لا يقدرُ أحد من الناس أن يأتي بمثلها، الشاهدة لهم على صدقهم.


(١) سورة آل عمران الآية: (٨١).
(٢) سورة البقرة الآية: (٨٣).
(٣) سورة الأعراف الآية: (١٧٢ - ١٧٣).

<<  <   >  >>