للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (١).

وآيات القرآن الكريم لا يطَّلع عليها, ولا يفهم معانيها إلا من عقل ما فيها قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (٢) , وكما قال تعالى: {لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} (٣).

أما الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق, ولا يريدون معرفة الحق فلا يمكن أن يستفيدوا من آيات الله, قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٤٦) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٤).

خامساً: ومن ثمار مناظرتهم أيضاً: "تضييق هوة الخلاف، وتقريب وجهات النظر، وإيجاد حل وسط يرضي الأطراف في زمن كثر فيه التباغض والتناحر" (٥).

وهذا من أهم الأمور في عصرنا الحديث؛ وذلك بسبب توسع دائرة الخلاف بيننا وبين أهل الكتاب, بسبب المؤامرات التي يقوم بها اللوبي الصهيوني من إثارة الفتن, وإشعال الحروب بين البشر, وممارسة القتل وسفك الدماء, مما يحتم على العقلاء في الغرب أن يطالبوا قياداتهم أن توقف هجماتها المتتالية على الإسلام والمسلمين, وأن تحاور عقلاء المسلمين حتى يصلوا إلى الحق.

ولا أقصد بهذه الثمرة الدعوة إلى وحدة الأديان (٦) القائمة على إزالة الفوارق بين الأديان, وإلغاء التمايز بين بني الإنسان, والداعية إلى خدمة السلام بين العرب وإسرائيل والذي هو أقرب للاستسلام


(١) سورة المائدة الآية: (١٥ - ١٦).
(٢) سورة العنكبوت الآية: (٤٣).
(٣) سورة النساء الآية: (١٦٢).
(٤) سورة الأعراف الآية: (١٤٦ - ١٤٧).
(٥) انظر: آداب الحوار وقواعد الاختلاف (ص: ٦) الباحث الدكتور عمر بن عبد الله كامل, هذا البحث قدم إلى المؤتمر العالمي حول موقف الإسلام من الإرهاب, الناشر: جامعة محمد بن سعود الإسلامية.
(٦) دعوة ماسونية تستغل المسلمين السذج في القضاء على الإسلام وإخضاع شعوبه, وتتخذ هذه الدعوة أسماء جذابة مثل: الدعوة للعالمية, أو التوفيق بين الإسلام والنصرانية, أو الدعوة إلى الإيمان الإبراهيمي, وأحياناً تحت مسمى حوار الأديان. وتقوم فلسفة هذه الدعوة على زعم أن هناك قواعد مشتركة بين الإسلام والنصرانية, كالإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر, وتكريم أم المسيح عليه الصلاة والسلام, وأن الخلاف بين الإسلام والنصرانية خلاف شكلي وليس بجوهري, بدأت هذه الدعوة من جانب النصارى منذ أوائل هذا القرن الميلادي, وتبنتها الصهيونية العالمية من خلال عقد العديد من المؤتمرات بدعوى التقريب بين الإسلام والنصرانية, منها: ما عقد في بيروت عام (١٩٥٣ م) , والإسكندرية عام (١٩٥٤ م) , والتي يمكن تلخيصها في الآتي: ضرورة استخدام هذه الدعوة لخدمة قضية السلام, ووقف الحرب بين المسلمين وإسرائيل مستخدمة الضغط الشعبي (الدبلوماسية الشعبية) لتحقيق ذلك, ومحاولة إذابة الفوارق العقدية بين الإسلام والنصرانية بعدما تحقق لليهود إزاحة النصرانية عن عقيدتها. انظر: الموسوعة الميسرة في الأحزاب والمذاهب والأديان المعاصرة (٢/ ١١٦٥ - ١١٦٦) مرجع سابق.

<<  <   >  >>