للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجاءوا فقالوا لرجل ممن يرضون أعور اقرأ: فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه.

قال: ارفع يدك. فرفع يده فإذا فيه آية الرجم تلوح.

فقال: يا محمد إن عليهما الرجم ولكنا نتكاتمه بيننا. فأمر بهما فرجما فرأيته يجانئ عليها الحجارة} (١).

فهذا الحديث يبن لنا مدى الإخفاء والكتمان الذي قام به اليهود مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنص الرجم الوارد في كتبهم, وحينما وضع الرجل يده فوق الحكم الوارد لإخفائه, وإتيانهم بالرجل الأعور يقرأ التوراة؛ ليتمكنوا من مغالطة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يغالطوا عامتهم, ولكن الله كشفهم على يد نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وأما المقصود من طلب رسول الله منهم أن يأتوا بالتوراة فقد قال فيه الطبري رحمه الله: "فأتوا بالتوراة فاتلوها حتى ننظر هل ذلك فيها أم لا؛ ليتبين كذبهم لمن يجهل أمرهم" (٢) , فلم يستطيعوا الإتيان بالتوراة الحق التي أنزلها الله على رسوله موسى - عليه السلام -؛ لأنهم قد حرفوها وبدلوها.

وهناك تحريف آخر بالكتمان, وهذا التحريف حصل من اليهود خاصة, وذلك بكتمانهم وإخفائهم لبعض الأسفار المقدسة عندهم من كتب العهد القديم والجديد مع أن أكثر المسيحيين لا يعترفون بها ولا يقدسونها, وهذه الأسفار يسمونها بالأسفار الخفية, وقد تكلم عن هذا الدكتور علي عبد الواحد وافي المتخصص في دراسة الدين اليهودي بقوله: " وبجانب الأسفار التي يتألف منها العهد القديم في نظر اليهود, توجد أسفار يهودية قديمة أخرى لم يدخلها اليهود في أسفار هذا العهد _القديم_ ويطلقون عليها اسم "الأسفار الخفية", ومن الأسفار الخفية عند اليهود الأسفار التي تزيد بها الترجمة السبعينية (٣) عن الأصل العبري؛ وبعض الأسفار الخفية غير مقدس ولا معتمد في نظر


(١) أخرجه البخاري في صحيحه, باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها, (٦/ ٢٧٤٢) رقم (٧١٠٤) مرجع سابق.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٢) مرجع سابق.
(٣) الترجمة السبعينية هي التي تمت في سنتي: (٢٨٢ - ٢٨٣ ق. ب) على يد اثنين وسبعين فقيهاً من يهود مصر, وكانوا من جميع أسباط اليهود. انظر: كتاب اليهودية واليهود (ص: ١٩) , المؤلف: الدكتور علي عبد الواحد وافي, الناشر: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع, الطبعة الخامسة عام (٢٠٠٥ م).

<<  <   >  >>