للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضاعت نسخه الأصلية, وأنه قد حصل من بعض النُّسَّاخ استبدال حرف مكان حرف آخر, أو كلمة مكان أخرى!

ثم نجدهم يبررون لافتراءاتهم وتحريفاتهم بأن ذلك كان بسبب جهالة النُّسَّاخ , وبسبب الأخطاء المطبعية من الطباعين, أو بسبب ضياع النسخ الأصلية, وفُقدان سندها, ووقوع المصائب والفتن على المسيحيين, والذي يظهر أن الصحيح هو الضياع للنسخ الأصلية وفقدانها, ثم جاء من بعدَهُم فقاموا بكتابتها وسموها بأسماء مقدسة, وكتبوا عليها أسماءهم, وإلا فأين إنجيل عيسى - عليه السلام - أو توراة موسى - عليه السلام - التي أنزلها الله عليهم؟

وأما قوله: "بجميع الظروف المعتبرة" فإنني أعتقد أن هذا القول بأن العهد الجديد لم يحرف غير صحيح, وإنما هو اعتراف منه بأنهم قد مروا بظروف صعبة, وهذه الظروف الصعبة أفقدتهم الكتاب المقدس القديم والجديد, وهذا الكلام يوافق ما قاله واعترف به القسيس الشهير فرنج في مناظرته مع العلامة رحمت الله الهندي بقوله: " إن سبب فُقدان السند عندنا ووقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة" (١).

ثم يتكلم عن الأسفار الخمسة بقوله " ويتضح جلياً من مطالعة هذه الأسفار بأن كاتباً ما بعد موسى إما يوشع أو صموئيل أو عزرا قد أدخل في الوحي بعض جمل تفسيرية ... " (٢).

والجواب على ما سبق: أن هذا الكلام لا يقبله منكم عاقل؛ لأنكم قد خلطتم كلام الله بكلام غيره, فحرفتم وغيرتم أحكامه وشرائعه, واتبعتم أهواء أحباركم ورهبانكم في ضلالهم وباطلهم, قال تعالى: { ... وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (٣).

وإلَّا فلماذا حفظ القرآن الكريم خلال أربعة عشر قرناً, ولم يحصل له أي تغيير أو غلط من النُّسَّاخ أو الحفاظ, ولم يبدل حرف مكان آخر, ولم تتبدل أية بأخرى, ولا تختلف طبعة على أخرى في جميع أنحاء الأرض؟ والجواب معروف, وهو أن القرآن الكريم قد تكفل الله بحفظه, وأما كتب أهل الكتاب فإنهم لم يراعو حرمة كتبهم التي أوكلها الله إليهم, وأما اليهود فقد عُرفوا بنقضهم لعهودهم ومواثيقهم, وصدق الله القائل: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ


(١) انظر: إظهار الحق (ص: ٦٢) مرجع سابق.
(٢) انظر: الكتاب المقدس في الميزان (ص: ٩٨) مرجع سابق.
(٣) سورة المائدة الآية: (٧٧).

<<  <   >  >>