للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان, ويتوعدونهم بأنهم سيقتلونهم قتل عاد وإرم. قال تعالى: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (١).

وثالثها: أنهم كانوا يعاهدون الله كثيراً وينقضونه.

ورابعها: أن اليهود كانوا قد عاهدوه على أن لا يعينوا عليه أحداً من الكافرين, فنقضوا ذلك، وأعانوا عليه قريشاً يوم الخندق؛ قال القاضي: إن صحت هذه الرواية لم يمتنع دخوله تحت الآية، لكن لا يجوز قصر الآية عليه, بل الأقرب أن يكون المراد ما له تعلق بما تقدم ذكره من كفرهم بآيات الله, وإذا كان كذلك فحمله على نقض العهد فيما تضمنته الكتب المتقدمة والدلائل العقلية من صحة القول ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - أقوى" (٢).

خلاصة:

وكل هذه الوجوه تتطابق مع بعضها البعض: فالوجه الأول يقصد به نبوته - صلى الله عليه وسلم - , ولا يتعارض مع الوجه الثاني كون اليهود كانوا يعلمون بصفاته ونعته في كتبهم, وأما الوجه الثالث فلا يتعارض مع الوجهين السابقين, كونهم عاهدوا الله على أمور كثيرة كالإيمان به سبحانه وتوحيده والتزام طاعته, ومن ذلك الإيمان برسوله محمد خاتم الأنبياء، وأن لا يكتموا صفاته, فنقضوا هذا العهد والميثاق مع الله سبحانه وتعالى, وأما الوجه الرابع فلا يتعارض كذلك مع الأوجه السابقة, وذلك أنهم عاهدوا الله على نصرة الرسول الخاتم وتصديقه, ويدل على ذلك أن هذا العهد هو الذي أخذه الله على جميع الأنبياء والمرسلين، وهو الإيمان بمحمد رسول الله, فبلغهم أنبياؤهم ذلك فنقضوه, قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ... إلى قوله تعالى ... كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٣).


(١) سورة البقرة الآية: (٨٩).
(٢) المصدر نفسه (٣/ ١٨٣).
(٣) سورة آل عمران الآية: (٨١ - ٨٦).

<<  <   >  >>