للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا، ولما بلغ الأبواء جاء إليه صعب بن جثامة بحمار وحش هدية، فلم يقبله منه (١).

ولما رأى الكراهية في وجهه قال: لم نرد هديتك، لكنا محرمون، ولما بلغ وادي عفان قال: يا أبا بكر أتعلم أي وادي هذا؟ فقال: وادي عفان، قال: لقد مر بهذا الوادي هود، وصالح، عليهما السلام. على جملين أحمرين خطامهما من ليف، وعليهما أزاران من صوف، ورداءان من صوف هما عباءتان، وهما يلبيان بالحج.

ولما بلغ "سرف" حاضت عائشة فحزنت وبكت فقال: لما تبكين؟ لعلك حضت. قالت: نعم. قال: لا تهتمين هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وليس حجك نقص، اعملي كل ما يعمله الحاج لكن لا تطوفي بالبيت، وكانت عائشة قد أحرمت بالعمرة فقط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اغتسلي وأحرمي بالحج ففعلت. ولما رأت الطهر طافت وسعت.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أحللت من الحج والعمرة؟ فقالت: إني لأجد في نفسي دغدغة، لأني ما طفت العمرة إلا بعد الوقوف، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يمضى بها لتحرم من التنعيم وتأتى بعمرة (٢)

وللعلماء في هذه العمرة أقوال:

قال بعضهم: هي عمرة زيادة أمر بها لتطييب خاطر عائشة - رضي الله عنها -، وجبر قلبها، وإلا فطوافها وسعيها كاف عن حمجها وعمرتها، وهي كانت متمتعة، وأدخلت الحج على العمرة. فصارت قارنة، وذا أصح الأقوال، والأحاديث لا تدل على غيره.


(١) متفق عليه رواه البخاري في كتاب جزاء الصيد باب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل، حديث رقم (١٨٢٥ - ٤/ ٣١)، رواه في كتابه الحج باب تحريم الصيد للمحرم حديث رقم (١١٩٣ ج ٢/ ٨٥٠)، ورواه الترمذي برقم (٨٤٩ ج ٣/ ٢٠٦)، ومالك في الموطأ برقم (٨٣ ج ١/ ٣٥٣)، والنسائي (ج ٥ ص ١٨٣، ١٨٤).
(٢) متفق عليه وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج ٤ ص ٢٩٨).

<<  <   >  >>