للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: لما حاضت أمرها برفض العمرة الأولى، التي كانت أحرمت بها وهذا قول الإمام أبي حنيفة وأصحابه، ولما وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - "سرف" (١) قال: من لم يسق الهدي، وأراد أن يجعل نسكه عمرة، فليفعل، ومن ساق الهدي فليمض على نسكه، ولما وصل مكة قال على طريق الجزم والوجوب: "من لم يسق الهدي فليجعل نسكه عمرة وليحل من إحرامه ومن ساق الهدي فليقم على إحرامه، وقال: لولا أني سقت الهدي لأحللت.

ولما وصل إلى ذي طوى قبل دخوله مكة، نزل ثم بات ليلة الأحد الخامس (٢) من ذي الحجة، وصلى الصبح هناك، واغتسل، ودخل مكة بعد طلوع الشمس بهنيئة من طريق الحجوان (٣)، ولما وصل إلى باب بني شيبة، وشاهد الكعبة أخذ يدعو بهذا الدعاء "اللهم زد بيتك هذا تشريفا، وتكريما، ومهابة".

وفي بعض الروايات: أنه لما نظر إلى الكعبة، ورفع يديه، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام، الله زد هذا البيت تشريفا، وتعظيما، وتكريما، ومهابة، وزد من حجه، واعتمره تكريما، وتشريفا، وتعظيما، وبرا.

ولما دخل المسجد قصد نحو الكعبة، ولم يصل تحية المسجد، ولما حازى الحجر الأسود استلمه، ولم يرفع يديه، ولم يكبر كما يفعله الجهال، ثم أخذ في الطواف وجعل الكعبة، على جانبه الأيسر ولم يرد شيء من الأدعية في مكان بعينه، بإسناد صحيح، إلا الدعاء بين الركن اليمانى، والحجر الأسود، فإنه قال هناك: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" (٤) ورمل في ثلاثة أشواط.


(١) مكان. يقال له: سرف.
(٢) لعله الرابع فقد صح أنه دخل لأربع خلون من ذي الحجة، وإن الوقوف كان يوم الجمعة انظر صحيح مسلم (ج ١ ص ٣٥٥).
(٣) هو جبل مشرف بمكة، وقيل موضع بمكة.
(٤) سورة البقرة آية ٢٠١.

<<  <   >  >>