للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرمل أن يسرع في مشيته ويقارب بين خطواته، كما يفعله المصارعون، وأخرج رداءه من تحت إبطه الأيمن وجعله على كتفه الأيسر، وسار في بقية الطواف على هيئة، وكلما حاذى الحجر الأسود أشار إليه بمحجن كان في يده، ثم قبل رأس ذلك المحجن.

والمحجن عصا قصيرة في رأسها اعوجاج، وكان إذا حاذى الركن اليماني، أشار إليه بالاستلام، ولم يثبت أنه إذ ذاك قبل يده أو قبل المحجن.

وأما الحجر الأسود فإنه قبله، ووضع وجهه المبارك عليه، وفي بعض الأحيان كان يضع يده عليه ثم يقبلها، وكان يقول في حال الاستلام: "بسم الله والله أكبر" وكلما حاذى الحجر الأسود قال: "الله أكبر وكان في بعض الأحيان يضع جبهته عليه ساجدا، ثم يقبله، كل هذا ثابت في الصحيح (١) وكان إذا فرغ من الطواف قام خلف المقام وتلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٢) ثم صلى ركعتى الطواف، والمقام إذ ذاك كان موضوعا قريبا من الكعبة، وقرأ في الركعة الأولى: الفاتحة. وقل يا أيها الكافرون. وفي الثانية الفاتحة، وقل هو الله أحد.

ثم بعد الصلاة توجه إلى الحجر الأسود، وجاء فاستلمه، ثم خرج من أوسط أبواب الصفا، وهي خمسة، ثم قصد الصعود، ولما قرب منه تلا قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٣) ثم قال: "ابدأ بما بدأ الله به".

وفي رواية النسائي "ابدئوا" على صيغة الأمر، ثم صعد على الصفا، قدر ما يتمكن معه من مشاهدة الكعبة، ثم استقبلها وكبر الله أكبر، وقال "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".


(١) انظر صحيح البخاري في كتاب الحج حديث رقم (١٥٧٧ ج ٣ ص ٤٣٧)، ومسلم في كتاب الحج، حديث رقم (١٢٥٨ ج ٢ ص ٩١٨)، وأبو داود في كتاب المناسك برقم (١٨٦٨ ج ٢ ص ١٧٤)، والترمذي برقم (٨٥٣ ج ٣ ص ٢٠٩).
(٢) سورة البقرة آية ١٢٥.
(٣) سورة البقرة آية ١٥٨.

<<  <   >  >>