للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم دعا وقال: "اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برد، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا كربا إلا كشفته، ولا حاجة إلا قضيتها" ثم هلل ثلاثا ثم دعا بما أحب ثم هبط (١).

وروت صفية بنت شيبة: أنه كان يقول بين الصفا والمروة: "رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم" (٢)، وكان يسعى ماشيا يسير من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا. فلما اشتد الزحام ركب ناقته وتمم سعيه، راكبا، وأما طواف القدوم، فإنه كان فيه ماشيا - كما ذكرنا - لما روى جابر أنه رمل في الأشواط الثلاثة، الأول، وذا لا يتصور للراكب، وأما طواف الركن فإنه أتى به راكبا لعذر، وكان يختم السعى بالمروة.

وكلما وصل إليها، قرأ الأذكار، والدعوات، التي قرأها على الصفا، ولما تمم السعى، قال للصحابة: "ألا من لم يسق الهدى فليجعلها عمرة" وفرض عليهم التحلل التام من وطء، وطيب، ولبس مخيط، ثم أفاءوا على ذلك إلى يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أنى سقت الهدى لأحللت" (٣).

وأما ما ورد في بعض الروايات من أنه - صلى الله عليه وسلم - أحل، فإنه لم يثبت بل هو غلط، وهنا دعا فقال: "اللهم ارحم المحلقين" ثلاث مرات، "والمقصرين" فالها مرة (٤)، وسأل سراقة بن مالك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفسخ، والإحلال، أخاص هو في هذا العام، أم حكم دائم؟ فقال: "بل حكم دائم إلى الأبد" (٥)،


(١) رواه مسلم مطولا في كتاب الحج باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (١٢١٨ - ٢/ ٨٨٦ - ٨٩٢)، وأبو داود في كتاب المناسك باب صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث رقم (١٩٠٥ - ٢/ ١٨٢)، والنسائي في كتاب الحج (ج ٥ ص ١٤٣ - ١٤٤)، وابن ماجه، حديث رقم (٣٠٧٤ في ٢ ص ١٠٢٢).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده وانظر منتقى الأخيار (ج ٥ ص ٥٠ - ٥١).
(٣) انظر صحيح مسلم (ج ٢ ص ٨٨٦ - ٨٩٢).
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الحلق والتقصير حديث رقم (٩١١٣ ج ٣ ص ٢٥٦)، وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب الحج باب الحلق حديث رقم (١٨٤ ج ١ ص ٣٩٥).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الحج، وأبو داود في سننه، كتاب المناسك، ولمسلم معناه. وانظر منتقى الأحبار (ج ٤ ص ٣٣٤).

<<  <   >  >>