للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير، لم يحلوا من إحرامهم لما ساقوه من الهدي، وأمهات المؤمنين أحللن، وكذا فاطمة - رضي الله عنها - فإنها لم يكن معها هدى، وفي هذه المدة حيث أقام قصر الصلاة، بمنزله ظاهر مكة، ولما مضت أربعة أيام: الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء. وتضحى النهار من يوم الخميس، توجه بجميع الناس إلى منى، وأحرم إذ ذاك بالحج، من كان قد أحرم كل واحد من منزله.

ولما وصل - صلى الله عليه وسلم - إلى منى نزل وصلى الظهر، والعصر، وبات بمنى، وكانت ليلة الجمعة.

ولما ارتفعت الشمس، سار من منى على طريق ضب إلى عرفة، وكان بعض الصحابة يكبر، وبعضهم يلبى، ولم ينكر - صلى الله عليه وسلم - على أحد ولما بلغ إلى ثمرة - وهو موضع في قريب من عرفات - وجد قبته قد ضربت هناك، فنزل، وأقام، حتى زالت الشمس، ثم أمرهم بشد رحل ناقته، وركبها، وخطب خطبة بين فيها قواعد الإسلام بأسرها اقتلع أساس الشرك والجاهلية بالكلية" (١).

وذكر ما كان محرما في جميع الملل، وجعل أوضاع الجاهلية بأسرها، وكل ربا كان فيها تحت قدمه، ووصى أمته، بملاطفة النساء، وأمرهم بالتمسك بكتاب الله، وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا به متمسكين.

ثم سألهم ماذا تقولون، وبماذا تشهدون؟ قالوا نشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، فرفع - صلى الله عليه وسلم - أصبعه نحو السماء. وقال: "اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد" (٢).

ثم قال: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب" ثم نزل وأمر بلال بالأذان والإقامة، وصلى الظهر والعصر جمعا وقصرا، وصلى معه أهل مكة كما صلى.


(١) أخرجه مسلم مطولا (ج ٢ ص ٨٨٦ - ٨٩٢) برقم (١٢١٨)، وأبو داود حديث رقم (١٩٠٥ ج ٢ ص ١٨٢)، والنسائي (ج ٥ ص ١٤٣ - ١١٤)، وابن ماجه برقم (٣٠٧٤ ج ٢ ص ١٠٢٢ - ١٠٢٧).
(٢) الرواية في صحيح مسلم (ج ٤ ص ٣٨ - ٤٣) من حديث جابر، وانظر بعض الخطبة في صحيح البخاري وفتح الباري (ج ٨ ص ١٠٨)، وانظر الفتح الرباني (ص ٢٧٩ - ٢٨١)، والبداية والنهاية لابن كثير (ج ٥ ص ٢٠٩).

<<  <   >  >>