للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشتات الأمر، وفتنة القبر، اللهم إنى أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح. ومن شر بوائق الدهر" (١).

ونزل في الآيات في عرفات {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٢)، وفي ذلك اليوم سقط رجل عن راحلته بعرفات، فأمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يَغسل بالماء والسدر، وأن يدرج في ثوبى إحرامه، وأن لا يطيب، ولا يغطى رأسه، ولا وجهه وقال: "إنه يبعث ملبيا" (٣).

ولما أفاض بعد تمام الغروب، كان أسامة بن زيد رديفه وكان - صلى الله عليه وسلم - يجذب زمام الراحلة، بحيث أنه كان رأسها يحك الرجل وكان يقول: "أيها الناس اتئدوا مهلا مهلا، ليس الخير في السوق، ولا التقوى في العجلة".

وكان يرجع في طريق المأزمين، يقصد ما قصده في الخروج، إلى مصلى العيد من طريق، والرجوع من أخرى.

وفي أثناء ذلك ربما أرخى زمام راحلته، ليكون السير بين السريع والبطئ. وإذا وصل إلى مكان وسيع حركها بسرعة، وإذا بلغ نشرا من الأرض أرخى لها لتسير الهوينا.

وكان يلبي في طريقه، وما إلى بعض الشعاب، ونقض وضوءه، ثم توضأ، وضوءا خفيفا، فقال أسامة: الصلاة يا رسول الله. فقال - صلى الله عليه وسلم - أمامك ثم ركب حتى أتى "المزدلفة" فتوضأ وضوءا كاملا، ثم أمر بالأذان، والإقامة، وصلى المغرب قبل أن تحل الرحال، بل قبل أن تناخ الجمال، ولم حلوا رحالهم، أقيمت الصلاة، وصلى العشاء بغير أذان، لم يصل بين هذين الفرضين، صلاة أصلا ثم بات بالمزدلفة إلى أن تنفس الصبح" (٤).


(١) أخرجه الطبراني في المناسك، وفي إسناده قيس بن الربيع، والبيهقي وفي إسناده ابن عبيدة الربذي وهو ضعيف. وتفرد به عن أخيه عبد الله عن علي - رضي الله عنه -، قال البيهقي: ولم يدرك عبد الله عليّ، وانظر منتقى الأخيار (ج ٥ ص ٦١).
(٢) صحيح البخاري بشرح فتح الباري (ج ٨ ص ١٠٨) والآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٣) انظر صحيح مسلم (٤/ ٣٨ - ٤٣) وصحيح البخاري (فتح الباري ٨/ ١٠٧)، وصحيح مسلم (١/ ٨٢).
(٤) رواه مسلم في كتاب الحج باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث برقم (١٢١٨ ج ٢ ص ٨٨٦ - ٨٩٢)، وأبو داود برقم (١٩٠٥ ج ٢/ ١٨٢) والنسائي (٥/ ١٤٣ - ١٤٤) وابن ماجه برقم (٣٠٧٤ ج ٢/ ١٠٢٢ - ١٠٢٧).

<<  <   >  >>