ولم يحيي تلك الليلة، ولم يصح شيء من الأحاديث في إحياء ليلة العيد، ورخص لضعفاء قومه، أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر، ولا يرمون إلا بعد الطلوع.
وأما قول عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أرسل أم سلمة في ليلة النحر، فرمت الجمار قبل الفجر، ثم مضت فطافت طواف الركن، ثم رجعت إلى منى. ففي إسناده مقالات وأنكره الأساطين من المحدثين.
وأرسل جمعا من النساء فرموا الجمر في الليل، لخوف الزحام (١)، وللناس في هذه المسألة ثلاثة أقاويل: يجوز عند الشافعى وأحمد، رمى جمرة العقبة بعد نصف الليل لكل.
وأبو حنيفة يقول: لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر، وقال جماعة: لا يجوز للقادر إلا بعد طلوع الشمس بخلاف المعذور فإنه يجوز له ذلك.
ولما طلع الفجر صلى الصبح لأول وقتها لا قبل الوقت، كما يظنه البعض، ثم ركب وجاء إلى المشعر الحرام، وهو تل في وسط المزدلفة، عليه عمارة محدثة.
وأما قول بعض مشايخ الحديث والفقهاء: هو جبل صغير على يسار الحاج، وهذا المقام المشهور ليس بالشعر، فسهوا منهم.
والصحيح أن المشعر الحرام هذا المعروف المعمور, ثم وقف - صلى الله عليه وسلم - في المشعر الحرام, واستقبل القبلة، واشتغل بالدعاء، والتضرع، والابتهال والتكبير، والتهليل، إلى قريب طلوع الشمس، ثم دفع وقد أردف الفضل بن العباس، وأسامة يمشى بين قريش.
(١) أخرج الشيخان نحوه قالت عائشة - رضي الله عنها -: استأذنت سودة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة: أن تدفع قبله، وكانت ثبطة - تعني ثقيلة - فأذن لها. انظر صحيح البخاري في كتاب الحج, باب من قدم ضعفة أهله بليل حديث رقم (١٦٨٠ ج ٣/ ٥٢٦) , ومسلم في كتاب الحج باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهم حديث رقم (١٢٩٠ ج ٢/ ٩٣٩) , والنساء (٥/ ٢٦٢).