وكان المعراج مرّة واحدة ببدنه في اليقظة، وبعضهم يقول: مرتان، وبعضهم يقول: ثلاث مرات، وبعضهم يقول: أربع مرات. وبعد الإسراء بسنة وشهر أمر بالهجرة فاستصحب أبا بكر بأمر البارى تعالى وسافر، ولما وصل المدينة فرح الأنصار بقدومه، وقدموا محبته على الأباء والأبناء، فقامت العرب لعداوتهم، وشنوا عليهم الغارة من كل جانب، فنزلت آية القتال، وحصل الإذن فيه بعد حرمته، ثم افترض.
والأحاديث الثابتة في فضل الجهاد تزيد على أربعمائة، وكان يبايع الصحابة على أن لا يفروا يوم الزحف، وفي بعض الأحيان كان يبايع على الموت. وكان يشاور أصحابه في أمر الجهاد قال أبو هريرة:"ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان يسير في عقب العسكر ويحمل من أعبائه ويرفق في سيره أتم الرفق، ويرسل الجواسيس إلى الأعداء ويقدم الطلائع والمقدمات بين يديه، ويبث الخيل حول العسكر وكان إذا قابل العدو استقام ودعا الله وسأله النصرة واشتغل بذكر الله هو وأصحابه ثم أخذ في ترتيب العسكر بنفسه - صلى الله عليه وسلم - وكان يعين المقاتل المبارز وفي حضرته تقع المبارزة بأمره، وكان يلبس لأمة الحرب وربما ظاهر بين درعين وكان في عسكره الرايات والأعلام، وكان إذا ظهر على قوم أقام بساحتهم ثلاثة أيام ثم رجع وكان إذا أراد الغارة على قوم انتظر، فإن سمع فيهم أذانا لم يغر عليهم، وكان في بعض الأحيان يأتي العدو بيتًا وقد يشن الغارة بالنهار، ويحب السفر يوم الخميس، وكان إذا نزل العسكر في منزل جمع بينهم حتى لو أن أحدًا غطاهم بثوب لعمهم جميعًا، وكان يعبي الصفوف بنفسه، وفي وقت القتال كان يعين الشجعان بيده ويقول: يا فلان تقدم يا فلان تأخر، وفي بعض الأحيان عند لقاء العدو قرأ هذا الدعاء "اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر، اللهم أنزل نصرك، اللهم أنت عضدى وأنت نصيرى وبك أقاتل" وكان إذا التحم الحرب وحمى الوطيس وقصده العدو قال بأعلى صوته: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" وكان