للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لله من الكمال في أسمائه وصفاته وما للمخلوق مما يخصهم من ذلك على وجه محدود يليق بهم" (١).

وقال كذلك - رحمه الله -: "يجب أن تُنَزَّه أسماؤُه التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن جحدها أو تحريفها عن مواضعها، وعن تعطيلها عما تضمنته من صفات الجلال والكمال، وعن تسميته بما لم يثبت عنه ولا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن ذلك من الإلحاد فيها، وقد حذرنا الله من ذلك في قوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} الأعراف: ١٨٠ " (٢).

ولكن ضلت طوائف، فمنهم من ألحدت في أسماء الله وأنكرت معاني الكثير منها وادعت أنها مجاز، وأن الله لا يجوز أن يسمى بالأسماء التي يسمى بها المخلوق وهؤلاء هم الجهمية، أصحاب الجهم بن صفوان (٣)

الذي لم يثبت من الأسماء إلا التي لا يجوز أن يتسمى بها المخلوق كالخالق والمحيي والمميت (٤).

وهذا الرأي من الجهمية فاسد حيث إن تسمية الخلق ببعض أسامي الله عز وجل لا يقتضي أي تشبيه أو تمثيل، لأن معناها في حق الله - عز وجل - على ما يليق به، وفي حق خلقه على ما يليق بهم.


(١) فتاوى اللجنة الدائمة (٣/ ١٦٣ - ١٦٤).
(٢) تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على تفسير الجلالين (ص ١٤١).
(٣) الجهم بن صفوان أبو محرز الراسبي من موالي بني راسب من أهل خرسان، ينسب إلى سمرقند وترمذ، وهو رأس فرقة الجهمية، وإليه تنسب، وكان صاحب مجادلات ومخاصمات. قال الذهبي عنه: " الضال المبتدع، رأس الجهمية، من أشهر بدعه نفي الصفات، وقوله بإرجاء (الإيمان هو المعرفة فقط)، وبالجبر، وبفناء الجنة والنار؛ هلك في ١٨٨ هـ ".
ينظر ترجمته في: السير (٦/ ٢٦ - ٢٧)، ميزان الاعتدال (١/ ٤٢٦)، لسان الميزان (٢/ ١٤٢)، تاريخ الإسلام للذهبي (ص ١٢١ - ١٤٩).
(٤) ينظر: الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي (ص ٢١٢)، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

<<  <   >  >>