للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: حكم الإمامة.

قال الشيخ - رحمه الله -: " إنابة ولي أمر عام للمسلمين يتولى شئونهم وتنتظم به أمورهم ويجتمع شملهم واجب على المسلمين، ويجب عليهم أن يختاروا من بينهم من يصلح للقيام بواجب الأمة، وإن لم يكن في الأمة من يصلح لذلك إلا واحد تبين عليهم أن يقيموه والياً عاماً عليهم، وتعين عليه أن يتقبل تولي هذا المنصب، حفاظاً لكيانها، وتحقيقاً لما ينهض بها سياسة وتدبيراً، وثقافة وعلماً، وإنتاجا وكسباً ... والحكمة في ذلك رعاية مصلحة الأمة، ... وقد شهدت الفطرة بضرورة إقامة ولي عام على المسلمين على مصالحهم ... ويبذل وسعه في توحيد كلمتهم ولم شعثهم، بل عرف الإنسان أن اتخاذ القيادة وضرورتها أمر جبلت عليه الحيوانات العجماوات، فإنا لا نكاد نجد طائفة من الحيوانات على اختلاف أنواعها ... إلا اتخذت لنفسها قيادة تنظم مسيرها وعملها ... وتنصيب الولاة والأئمة أمر معروف طبعت عليه القبائل والأمم، وكما دل العمل المستمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعث السرايا أنه ما بعث سرية إلا وقد أمر عليها أميراً وأوصاها بطاعته، ودل عمله في البلاد الإسلامية أنه لم يترك بلداً دون أن يؤمر على أهلها أميراً ولم يسافر عن المدينة إلا وقد أمر عليها أميراً، فإذا كان هذا شأنه في الولايات الخاصة، فالولايات العامة ألزم، والعناية بها أتم وأوجب، ولا تكون ولاية خاصة في أمة إلا عن طريق الولاية عامة" (١).

نصب الإمام واجب بدلالة الكتاب، والسنة، والإجماع، والقواعد الشرعية (٢).

فمن الكتاب: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء: ٥٩.

فالله سبحانه أوجب على المسلمين طاعة أولي الأمر منهم، وهم العلماء والأمراء، والأمر بالطاعة دليل على وجوب نصب ولي الأمر؛ لأن الله تعالى لا يأمر بطاعة من لا وجود


(١) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - (ص ١٩ - ٢٠).
(٢) ينظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص ٥)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ١٩)، والمقدمة الزهراء في إيضاح الإمامة الكبرى للذهبي (ص ٦٩)، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة (ص ٤٨).

<<  <   >  >>