للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[- شرع من قبلنا]

وقال الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله -: "بأن القرآن ذكر كثيراً مما اشتملت عليه التوراة؛ .. وأن الأدلة إنما دلت على وقوع التحريف فيهما، والنسخ إنما كان لبعض ما فيهما من أحكام فقط" (١).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " والذي عليه الأئمة وأكثر العلماء أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وهذا إنما هو فيما ثبت أنه شرع لمن قبلنا من نقل ثابت عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -، أو بما تواتر عنهم، لا بما يروى فإن هذا لا يجوز أن يحتج به في شرع المسلمين أحد من المسلمين" (٢).

قال الشنقيطي - رحمه الله -: " وكون شرع من قبلنا الثابت بشرعنا شرعا لنا إلا بدليل على النسخ هو مذهب الجمهور منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين، وخالف الإمام الشافعي - رحمه الله - في أصح الروايات عنه فقال: إن شرع من قبلنا الثابت بشرعنا ليس شرعا لنا إلا بنص من شرعنا على أنه مشروع لنا وخالف أيضا في الصحيح عنه في أن الخطاب الخاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يشمل حكمه الأمة. واستدل للأول بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} المائدة: ٤٨، وللثاني: بأن الصيغة الخاصة بالرسول لا تشمل الأمة وضعا فإدخالها فيها صرف للفظ عن ظاهره فيحتاج إلى دليل منفصل وحمل الهدى في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الأنعام: ٩٠، والدين في قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} الشورى: ١٣، على خصوص الأصول التي هي التوحيد دون الفروع العملية لأنه تعالى قال في العقائد: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} الأنبياء: ٢٥،


(١) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص ٢٤٩).
(٢) التوسل والوسيلة (١/ ٨٧) مع تصرف يسير، وانظر: الجواب الصحيح (٢/ ٤٣٦)، واقتضاء الصراط (١/ ١٦٩)، والصدفية (١/ ٢٥٨)، والمسودة لعبد السلام ابن تيمية (١/ ١٧٤)، عون المعبود (٢/ ٦٤)، عمدة القاري (١١/ ١٧٨)، فتح الباري (١٠/ ٣٦٣) و (٤/ ٣٠٦)، ودقائق التفسير لابن تيمية (٢/ ٥٥)، تفسير البيضاوي (٢/ ٣٢٧)، تفسير ابن كثير (٢/ ٦٣)، تفسير السعدي (ص ٢٣٣).

<<  <   >  >>