للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسمية الخوارج بهذا الاسم:

وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -: " وحديث العلماء في الفرق الإسلامية عن الخوارج؛ إنما هو عن هؤلاء الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه - من أجل التحكيم. أما طلحة، والزبير، ومعاوية، ومن تبعهم، فلم يُعْرَفُوا عند علماء المسلمين بهذا الاسم" (١).

ثم استرسل - رحمه الله - على إطلاق كلمة الخوارج، فقال: " صارت كلمة (الخوارج) تطلق على كل من خرج على إمام من أئمة المسلمين، اتفقت الجماعة على إمامته في أي عصر من العصور، دون أن يأتي ذلك الإمام بكفر ظاهر ليس له عليه حجة. وإذن فأول من أحدث هذه البدعة في هذه الأمة؛ الجماعة التي خرجت على علي بن أبي طالب سنة (٣٩ هـ) ... " (٢).

إن كلمة (خوارج) أطلقت على أولئك النفر الذين خرجوا على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد قبوله التحكيم عقب معركة "صفين" إذ اعتبر هؤلاء التحكيم خطيئة تؤدي إلى الكفر، ومن ثم طلبوا من "علي" أن يتوب من هذا الذنب، وانتهى الأمر بأن خرجوا من معسكره. وقد قبل الخوارج هذه التسمية، ولكنهم فسروا الخروج بأنه خروج من بيوتهم جهاداً في سبيل الله، وفقاً لقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} النساء: ١٠٠. وقد أطلق على الخوارج أيضاً اسم (الشُّراة) وربما يكونون هم الذين وصفوا أنفسهم بذلك؛ لأنهم يزعمون أنهم باعوا أنفسهم لله، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} التوبة: ١١١. وسموا أيضاً بـ (الحرورية)؛ لانحيازهم في أول أمرهم إلى قرية "حروراء" بالقرب من الكوفة. كما سموا أيضاً بـ (المحكمة)؛ لرفعهم شعار "لا حكم إلا لله" والتفافهم حوله. وسموا كذلك بـ (النواصب)؛ لمناصبتهم علياً ومن والاه


(١) مذكرة التوحيد للشيخ عبد الرزاق (ص ١٢٠).
(٢) مذكرة التوحيد للشيخ عبد الرزاق (ص ١٢٠ - ١٢٢).

<<  <   >  >>