للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التمهيد]

بين الشيخ عبد الرزاق عفيفي سبب ضلال الفرق، فقال - رحمه الله - محذراً: " لا يغترَ إنسان بما آتاه الله من قوة في العقل وسعة في التفكير، وحصيلة في العلم، فيجعل عقله أصلاً، ونصوص الكتاب والسنة الثابتة فرعاً، فما وافق منهما عقله قبله واتخذه ديناً وما خالفه منهما لوى به لسانه وحرفه عن موقعه، وأوله على غير تأويله إن لم يسعه إنكاره ... ثقة بعقله ... واتهاماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... واتهاماً لثقات الأمة وعدولها، الذين نقلوا إلينا نصوص الشريعة ووصلت إلينا عن طريقهم قولاً وعملاً ... فأي عقل من العقول يجعل أصلاً يحكم في نصوص الشريعة فترد أو تنزل على مقتضاه فهما وتأويلاً، أعقل الخوارج في الخروج على الولاة، وإشاعة الفوضى وإباحة الدماء، أم عقل الجهمية في تأويل نصوص الأسماء والصفات وتحريفها عن مواضعها وفي القول بالجبر، أم عقل المعتزلة ومن وافقهم في تأويل نصوص أسماء الله وصفاته ونصوص القضاء والقدر وإنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، أم عقل الغلاة في إثبات الأسماء والصفات والغلاة في سلب المكلفين المشيئة والقدرة على الأعمال، أم عقل من قالوا بوحدة الوجود ... إلخ" (١).

لا شك أن سبب ضلال الفرق على وجه العموم هو عدولهم عن الصراط المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه. قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} الأنعام: ١٥٣.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطّاً وقال: (هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره وقال: هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه)، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ...} الأنعام: ١٥٣ (٢).


(١) مجموعة ملفات الشيخ (ص ٤٠ - ٤١).وينظر: مجموعة ملفات الشيخ (٨٨ - ٨٩) و (١٢٧ - ١٢٨)، وشبهات حول السنة (٥٨) وما بعدها.
(٢) أحرجه النسائي في كتاب التفسير باب قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما) برقم (١١١١٠)، والحاكم في كتاب التفسير باب أنا وأصحابي حيز والناس حيز لا هجرة بعد الفتح برقم (٣٢٤١) (٢/ ٣٤٨) وقال حديث صحيح الإسناد، وصححه الألباني في تخريجه لأحاديث الطحاوية (ص ٥٨٧).

<<  <   >  >>