للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠)} مريم: ٣٠: "فخاطبهم بوصفه بالعبودية، وأنه ليس فيه صفة يستحق بها أن يكون إلهاً، أو ابناً للإله، تعالى الله عن قول النصارى المخالفين لعيسى في قوله {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} مريم: ٣٠، والمدعين موافقته.

قال تعالى: {آتَانِيَ الْكِتَابَ} مريم: ٣٠، أي: قضى أن يؤتيني الكتب، وقال تعالى: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠)} مريم: ٣٠، فأخبرهم بأنه عبد الله، وأن الله علمه الكتاب، وجعله من جملة أنبيائه، فهذا من كماله لنفسه" (١).

[٥ - سليمان - عليه السلام -]

يقرر الشيخ - رحمه الله - بعض ما خص الله به سليمان - عليه السلام -، فيقول: " جعل الله تعالى تسخيره الشياطين لسليمان - عليه السلام - آية خارقة للعادة، كإلانة الحديد وإسالة عين القطر وتسخير الريح والطيور وتعليمه لغة الطير ونحو ذلك من خوارق العادات التي خص الله بها سليمان استجابة لدعائه: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)} ص: ٣٥، {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧)} ص: ٣٦ - ٣٧" (٢).

وقد أوحي إلى سليمان - عليه السلام - كما جاء في قوله تعالى: {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)} النمل: ٢٩ - ٣١، فكانت الدعوة إلى الإيمان بالوحدانية هي أساس دعوة سليمان، ولا شك أن رسالة سليمان - عليه السلام - هي أبرز الرسالات التي وضحت فيها عقيدة


(١) تفسير السعدي (١/ ٤٩٢)، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) (٣/ ٤٠١)، تفسير الألوسي (١١/ ٤٩٠)، تفسير البغوي (٥/ ٢٣٠)، تفسير القرطبي (١١/ ١٠٢)، تفسير ابن كثير (٥/ ٢٢٨).
(٢) فتاوى اللجنة (٣/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>