وقد ظهرت جماعة يسمون أنفسهم القرآنيين، يقرءون القرآن الكريم وينكرون السنة النبوية بالكلية، والحق أنهم منكرون للقرآن الكريم قبل إنكار السنة؛ فمنكر السنة منكر للقرآن بلا ريب؛ إذ كيف يصلي وكم صلاة يصليها، وما أركان الصلاة، وما سننها ومبطلاتها؟ وكيف يزكي وكيف يصوم وكيف يحج؟ وأنكر بعض المعاصرين السنة القولية، وأقر السنة العملية. وأنكر بعض المعاصرين ممن ليس لهم اختصاص بالسنة أحاديث الشفاعة، وأولوا الآيات القرآنية الصريحة في الشفاعة، والبعض الآن يتكئ على أريكته وينفخ أوداجه ثم يضعف أحاديث الشيخين البخاري ومسلم التي أجمعت الأمة على صحتها (١).
سادساً: الحكم بغير ما أنزل الله:
يرى الشيخ - رحمه الله - أن النظم التي وضعت ليتحاكم إليها الناس، مضاهاة لتشريع الله داخلة في معنى الطاغوت، فقال: " معنى الطاغوت العام: هو كل ما عبد من دون الله مطلقاً تقرباً إليه بصلاة أو صيام أو نذر أو ذبيحة أو لجوء إليه فيما هو من شأن الله لكشف ضر أو جلب نفع أو تحكيماً له بدلاً من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك.
والمراد بالطاغوت في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠)} النساء: ٦٠، كل ما عدل عن كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى التحاكم إليه من نظم وقوانين وضعية أو تقاليد وعادات متوارثة أو رؤساء قبائل ليفصل بينهم بذلك، أو بما يراه زعيم الجماعة أو الكاهن. ومن ذلك يتبين: أن النظم التي وضعت ليتحاكم إليها مضاهاة لتشريع الله داخلة في معنى الطاغوت، لكن
(١) ينظر: موسوعة الدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن نايف الشحود (٦/ ٣٩)،رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ضوء السنة النبوية الشريفة لعماد السيد محمد إسماعيل الشربينى (١/ ٥٢٩)، عدالة الصحابة ن ودفع الشبهات لعماد الدين الشربيني (١/ ١).