والعقول لا تستقل بمعرفة ما يجب لله تعالى من الحقوق، ولو كانت تستقل بذلك لم تتوقف الحجة على إرسال الرسل.
خامساً: الحكم فيمن رد السنة:
قال الشيخ - رحمه الله -: " الحكم فيمن رد السنة جملة -أي كلها- فهو كافر، فمن لم يقبل منها إلا ما كان في القرآن فهو كافر لأنه معارض للقرآن ومناقض لآياته، والله تعالى يقول:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} آل عمران: ٣٢، ويقول تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر: ٧، ويقول تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٩٢)} المائدة: ٩٢ ... ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} النساء: ٥٩، أي: تنازع الرعية، وأولو الأمر من العلماء والحكام {فِي شَيْءٍ} فردوه إلى الله والرسول، فلم يجعله إلى الله وحده، بل جعله إلى الله وإلى الرسول، ورده إلى الله رده إلى كتاب الله، ورده إلى الرسول بعد وفاته رده إلى سنته عليه الصلاة والسلام، فدعواه أنه يعمل بالقرآن عقيدة وعملاً وخلقاً ويرد السنة جملة -هذه الطائفة التي تسمى نفسها (القرآنية) - دعوة باطلة، وهو مناقض لنفسه لأنه كذب آيات القرآن التي فيها الأمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ ما جاء به، وطاعته فيما جاء به من عند الله عموماً دون أن يخص آيات القرآن، ثم هو في الوقت نفسه كيف يصلي؟ وكيف يحدد أوقات الصلوات؟، وكيف يصوم؟، وعن أي شيء يصوم؟، وتفاصيل الصيام كيف يعرفها؟، وكيف يحج بيت الله الحرام؟، فليس هناك إلا أركان محدودة من الحج في سورة البقرة، وكذلك أين نصب الزكاة؟ وكيف يزكي؟ "(١).
(١) شبهات حول السنة للشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص ٤٧ - ٤٩).