للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواقع أن بدء نزعة الخروج قد بدأت بذرتها الأولى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باعتراض ذي الخويصرة عليه؛ أما خروجها كطائفة لها اتجاهها السياسي وآراؤها الخاصة، فهو خروج الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه - منذ وقعة صفين، وهم الذين ينطبق عليهم مصطلح الخوارج بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة (١).

[- أوصاف الخوارج]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وتشير الأحاديث التي ورد فيها ذكر الخوارج إلى أوصافهم، والأمر بقتالهم، وذمهم. وقد صحت هذه الأحاديث بأوجه عديدة بلغت عشرة أوجه، كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل، وقد خرجها مسلم في صحيحه، وخرج البخاري طائفة منها" (٢).

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " والخوارج هم أول من كفَّر المسلمين، يكفِّرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله" (٣).

وقال: " وأول بدعة حدثت في الإسلام بدعة الخوارج والشيعة، حدثتا في أثناء خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فعاقب الطائفتين، أما الخوارج فقاتلوه فقتلهم، وأما الشيعة فحرّق غاليتهم بالنار، وطلب قتل عبد الله بن سبأ فهرب منه، وأمر بجلد من يفضّله على أبي بكر وعمر" (٤).

فصار هؤلاء هم "الخوارج المارقين (٥) الذين أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، قاتلهم علي، واتفق أئمة الدين على قتالهم - من الصحابة والتابعين ومن بعدهم-، ولم يكفّرهم علي


(١) ينظر: الخوارج للدكتور/ غالب عواجي (ص ٣٧ - ٤٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٢٧٩).
(٣) مجموع الفتاوى (٧/ ٢٧٩).
(٤) مجموع الفتاوى (٧/ ٢٧٩)، وينظر: صحيح البخاري فتح الباري (١٢/ ٢٩٠)، وما بعدها، ومسلم (١/ ٧٤٢) وما بعدها.
(٥) سميت الخوارج المارقة من وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم في الحديث الصحيح: " يمرقون من الدين".

<<  <   >  >>