للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: " لو أخذ يلقي المصحف في الحش، ويقول أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبياً من الأنبياء، ويقول أشهد أنه رسول الله، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذباً فيما أظهره من القول" (١).

"والحكم بالكفر هنا إنما هو للفعل لا للفاعل، إذ لا يلزم من الحكم بكفر الفعل تكفير الفاعل؛ لكون تكفيره يتوقف على وجود الشروط وانتفاء الموانع" (٢).

ثانياً: ما يحتمل الكفر وعدمه:

كالسجود لغير الله، وإفشاء سر المسلمين لعدوهم ونحو ذلك؛ فإن هذه الأعمال تحتمل الكفر وعدمه، فالمعتبر فيها قصد من عملها ونيته وقرائن أحواله.

قال الشيخ - رحمه الله -: " كل من آمن برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وسائر ما جاء به في الشريعة إذا سجد بعد ذلك لغير الله من ولي وصاحب قبر أو شيخ طريق يعتبر كافراً مرتداً عن الإسلام مشركاً مع الله غيره في العبادة، ولو نطق بالشهادتين وقت سجوده؛ لإتيانه بما ينقض قوله من سجوده لغير الله. لكنه قد يعذر لجهله فلا تنزل به العقوبة حتى يعلم وتقام عليه الحجة ويمهل ثلاثة أيام؛ إعذارا إليه ليراجع نفسه، عسى أن يتوب، فإن أصر على سجوده لغير الله بعد البيان قتل لردته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) (٣) " (٤).

فالسجود لغير الله يحتمل أن يكون عبادة وقربة، فهو حينئذ كفر، ويحتمل أن يكون تعظيماً وتحية، فهو حينئذ معصية؛ ولهذا لم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفر معاذ - رضي الله عنه - بمجرد سجوده له، وإنما استفصل منه (٥).

ففي الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: (لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣٦٠).
(٢) آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية (ص ٦٩٧).
(٣) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما
(٤) فتاوى اللجنة (١/ ٣٣٤ - ٣٣٥).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣٦٠).

<<  <   >  >>