للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بأنه رأى ربه.

قال الشيخ - رحمه الله - مبيناً: "لم ير نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه في الدنيا بعيني رأسه على الصحيح من قولي العلماء في ذلك وإنما رأى جبريل عليه السلام على صورته معترضا الأفق، وهذا هو المراد بقوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)} النجم: ٥ - ١٧" (١).

هذه المسألة من المسائل الخلافية بين أهل السنة والجماعة والخلاف فيها قد وقع بين الصحابة - رضي الله عنهم - وغيرهم، قال ابن أبي العز- بعد تفصيله فيها وحكايته للأقوال، وترجيحه لنفي الرؤية البصرية-: ونحن إلى تقرير رؤيته لجبريل أحوج منا إلى تقرير رؤيته لربه تعالى، وإن كانت رؤية الرب تعالى أعظم وأعلى، فإن النبوة لا يتوقف ثبوتها عليها ألبته (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "قد اتفق أئمة المسلمين على أن أحداً من المؤمنين لا يرى الله بعينه في الدنيا، ولم يتنازعوا إلا في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة مع أن جماهير الأمة اتفقوا على أنه لم يره بعينه في الدنيا، وعلى هذا دلت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة وأئمة المسلمين. ولم يثبت عن ابن عباس ولا عن الإمام أحمد وأمثالهم أنهم قالوا: إن محمداً رأى ربه بعينه، بل الثابت عنهما: إما إطلاق الرؤية، وإما تقييدها بالفؤاد، وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة أنه رآه بعينه" (٣).


(١) فتاوى اللجنة (٢/ ١٩٢)، وينظر: فتاوى اللجنة (٢/ ١٨٨، ١٩٢) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٣٧٠).
(٢) شرح الطحاوية (٢٢٤ - ٢٢٥). وينظر: كتاب الغنية في مسألة الرؤية لابن حجر العسقلاني.
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٣٥) (٥/ ٤٩٠)، وينظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٢/ ٥١٩).

<<  <   >  >>