للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: التحذير من التكفير بغير حق، وضرورة الاحتياط في الحكم به:

قال الشيخ - رحمه الله -: " لا يجوز نفي الإيمان عن المسلم، بل هو حرام؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلاَّ رجعت عليه) (١)، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من دعا رجلاً بالكفر، أو يا عدو الله وليس كذلك إلاَّ حار (٢) عليه) (٣) " (٤).

وقال الشيخ - رحمه الله - معلقاً على قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الحجرات: ٩ الآية: " دل ذلك على أن المؤمن لا يكفر بالذنب ضرورة، لأن الله سمى المقتتلين مؤمنين، وأخبر أنهم إخوة لمن يصلح بينهم ممن لم يشاركهم في القتال" (٥).

قال الشيخ - رحمه الله -: " تختلف كبائر الذنوب في فحشها وعظم جرمها: فمنها ما هو شرك، ومنها ما ليس بشرك، ومذهب أهل السنة والجماعة: أنهم لا يكفرون مسلماً بما كان منها دون الشرك ... ، أما ما كان من الكبائر مثل الاستعانة بغير الله كدعاء الأموات لتفريج الكربات والنذر للأموات والذبح لهم فهذه الكبائر وأمثالها كفر أكبر يجب البيان لمن ارتكبها وإقامة الحجة عليه، فإن تاب بعد البيان قبلت توبته وإلا قتله ولي أمر المسلمين لردته" (٦).


(١) أخرجه البخاري كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال برقم (٦١٠٤)، ومسلم كتاب الإيمان بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر برقم (٦٠).
(٢) حار: بالحاء المهملة، أي رجع عليه، ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)} الانشقاق: ١٤ أي يرجع. ينظر: المعجم الوسيط (١/ ٢٠٥)، معجم مقاييس اللغة (٢/ ١١٧).
(٣) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم (١/ ٨٠) برقم (٦١) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - به.
(٤) فتاوى اللجنة (٢/ ١٤٠).
(٥) تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص ٩٥).
(٦) فتاوى اللجنة (٢/ ١٣٦ - ١٣٧).

<<  <   >  >>