للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظالمين وهو خَلَف السوء الذين خلفوا بعدهم (١). ولما كان الإنس أكمل من الجن وأتم عقولاً، ازدادوا عليهم بثلاثة أصناف أُخر، ليس شيء منها للجن وهم: الرسل والأنبياء والمقربون، فليس في الجن صنف من هؤلاء بل حليتهم الصلاح" (٢).

٥ - تأثير الجنّ على أجسام الإنس وعقولهم (٣):

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وجود الجن ثابت بالكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهود محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه، بل ولا يدري به، بل يضرب ضرباً لو ضرب به جمل لمات، ولا يحس به المصروع، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} البقرة: ٢٧٥، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) (٤) وغير ذلك، يصدقه. وقال في موضع آخر: "وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر وادّعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك" (٥).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: " قلت لأبي: إن أقواماً يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال: يابني: يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه" (٦).


(١) يقصد ابن القيم قوله تعالى بعد الآية السابقة: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا ...} الأعراف: ١٦٩.
(٢) طريق الهجرتين وباب السعادتين (١/ ٤١٦).
(٣) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٢٧٩ - ٢٨٢).
(٤) مختصر الفتاوى المصرية لبدر الدين محمد بن علي البعلي (ص ٥٨٤) من حديث أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب بدء الخلق. باب صفة إبليس وجنوده (٦/ ٣٣٧). وأخرجه مسلم في صحيحه. كتاب السلام باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليا بامرأة (٤/ ١٧١٢).
(٥) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٤/ ٢٧٧).
(٦) إيضاح الدلالة في عموم الرسالة لابن تيمية (ص ٧).

<<  <   >  >>