للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[- نشأة الخوارج]

قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - معلقاً على قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة) (١): " هذا الحديث وما في معناه قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطائفة المسماة بـ: الخوارج؛ لأنهم يغلون في الدين ويكفرون المسلمين بالذنوب التي لم يجعلها الإسلام مكفرة، وقد خرجوا في زمن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأنكروا عليه أشياء فدعاهم إلى الحق وناظرهم في ذلك فرجع كثير منهم إلى الصواب وبقي آخرون، فلما تعدوا على المسلمين قاتلهم علي - رضي الله عنه - وقاتلهم الأئمة بعده؛ عملاً بالحديث المذكور وما جاء في معناه من الأحاديث، ولهم بقايا إلى الآن، والحكم عام في كل من اعتقد عقيدتهم في كل زمان ومكان" (٢).

يختلف المؤرخون في تحديد بدء نشأة الخوارج هل كان ذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في عهد عثمان أو في عهد علي - رضي الله عنهم -، أو أن نشأتهم لم تبدأ إلا بظهور نافع بن الأزرق وخروجه عام ٦٤ هـ؛ واختار الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - القول بأن نشأتهم بدأت بانفصالهم عن جيش الإمام علي - رضي الله عنه - وخروجهم عليه، وهذا الرأي هو الذي عليه الكثرة الغالبة من العلماء إذ يعرفون الخوارج بأنهم هم الذين خرجوا على علي بعد التحكيم، ومن هؤلاء الأشعري فقد أرخ للخوارج، وأقدم من أرخ لهم منهم هم الخارجون على الإمام علي وقال عنهم: " والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي بن أبي طالب" (٣).

وبسط هذه الأقوال يطول، وعلينا أن نفرق بين بدء نزعة الخروج على صورة ما، وظهور الخوارج كفرقة لها آراؤها الخاصة، ولها تجمعها الذي تحافظ عليه وتعمل به على نصرة هذه الآراء.


(١) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم، برقم (٦٩٣٠).
(٢) فتاوى اللجنة (٢/ ٣٦٨)، وينظر: مذكرة التوحيد للشيخ عبد الرزاق (ص ١١٩).
(٣) مقالات الأشعري (١/ ٢٠٧)، وينظر: الفرق بين الفرق (ص ٧٤)، فجر الإسلام لأحمد أمين (ص ٢٥٧).

<<  <   >  >>