للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له، ولا يفرض طاعة من وجوده مندوب، فالأمر بطاعته يقتضي الأمر بإيجاده (١).

وغير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى، والتي يطول ذكرها وإيضاح وجه المراد منها وبيان معانيها، ويكفي أن جميع آيات الحدود والقصاص والأحكام التي لا يستطيع القيام بها وتنفيذها إلا الإمام دالة على وجوب وجوده وإقامة منصبه.

ومن السنة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) (٢).

وفعله - صلى الله عليه وسلم - حيث تولّى زعامة الدولة الإسلامية الأولى.

أما الإجماع: فقد اتفق السواد الأعظم من المسلمين على اختلاف طوائفهم على وجوب نصب الإمام، ولم يشذ عن ذلك إلا النجدات، من الخوارج ونفر من المعتزلة (٣).

يقول العلامة ابن حزم - رحمه الله -: " اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل، يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم" (٤).

ولهذا أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على الاشتغال بها قبل دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم (٥).


(١) ينظر: تفسير البيضاوي (٢/ ٢٠٦)، وتفسير الطبري (٥/ ١٥٠)، وغير ذلك من التفاسير في آية (٥٩) من سورة النساء.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء (٣/ ١٤٧٨) برقم (١٨٥١) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - به.
(٣) يُعزى القول بذلك إلى عبد الرحمن بن كيسان المشهور بأبي بكر الأصم وهشام بن عمرو الفوطي من كبار المعتزلة.
ينظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ١٤٩)، الفرق بين الفرق (ص ١٦٣).
(٤) الفصل (٤/ ١٤٩).
(٥) ينظر: مراتب الإجماع لاين جزم (ص ١٤٤)، الأحكام السلطانية للماوردي _ص ٥)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ١٩)، شرح السنة للبغوي (١٠/ ٨٤)، تفسير القرطبي (١/ ٢٦٤)، شرح صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٥، فتح الباري (١٣/ ٢٠٨)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ١٨٢ - ١٨٣)، وشرح النووي لصحيح مسلم (١٢/ ٢٠٥)، والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي (ص ٧ - ٨).

<<  <   >  >>