للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: "هكذا هو في أكثر النسخ: (جئته أتيته)، وفي بعضها (جئتُه بأسرع) فقط، وفي بعضها: (أتيته)، وهاتان ظاهرتان، والأول صحيح أيضاً، والجمع بينهما للتوكيد، وهو حسن، لا سيما عند اختلاف اللفظ، والله أعلم" (١).

وأهل السنة والجماعة يثبتون لله إتيانٌ حقيقي يليق بجلاله تعالى لا يشبه إتيان المخلوق.

قال ابن جرير: في تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} البقرة: ٢١٠: "اختلف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى الذي ذكره في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} البقرة: ٢١٠، فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصف به نفسه - عز وجل - من المجيء والإتيان والنزول، وغير جائز تكلف القول في ذلك لأحد إلا بخبرٍ من الله جل جلاله أو من رسول مرسل، فأما القول في صفات الله وأسمائه؛ فغير جائز لأحد من جهة الاستخراج؛ إلا بما ذكرنا. وقال آخرون: ... " (٢) ورجح: القول الأول.

وقال أبو الحسن الأشعري (٣): "وأجمعوا على أنه - عز وجل - يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفاً ... " (٤).

وقال الشيخ محمد خليل الهراس -بعد أن حكى ما ذكره شيخ الإسلام عن الآيات السابقة -: " في هذه الآيات إثبات صفتين من صفات الفعل، وهما صفتا الإتيان والمجيء، والذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك على حقيقة، والابتعاد عن التأويل الذي هو في الحقيقة إلحاد وتعطيل أ. هـ " (٥).


(١) ينظر: المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج (١٧/ ٦ - ٧).
(٢) تفسير الطبري (٢/ ٣٢٩).
(٣) هو: علي بن إسماعيل بن سالم بن إسماعيل الأشعري أبو الحسن، شيخ الأشاعرة وإمامهم، مر بثلاثة أطوار في حياته: طور انتحل فيه الاعتزال، وطور سلك فيه مسلك ابن كلاب، وطور نهج فيه منهج السلف مع لوثة اعتزالية، من مؤلفاته: مقالات الإسلاميين، الإبانة، اللمع وغيرها، توفي سنة (٢٣٤ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ٨٥)، شذرات الذهب (٢/ ٣٠٣).
(٤) رسالة إلى أهل الثغر (ص ٢٢٧).
(٥) شرح الواسطية (ص ١١٢).

<<  <   >  >>