للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث بمشلول على دفع عدو صائل. فهذا لغو وسخرية بالمستغاث به فيمنع لهذه العلة ولعلة أخرى، وهي أنه ربما اغتر بذلك غيره فتوهَّم أن لهذا المستغاث به وهو عاجز أن له قوة خفية ينقذ بها من الشدة (١).

وسبق القول بأن الدعاء أعم من الاستغاثة؛ لأنه يكون من المكروب وغيره؛ فكل استغاثة دعاء، وليس كل دعاء استغاثة (٢)، والدعاء على نوعين دعاء عبادة ودعاء مسألة: "فدعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، كما أن دعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة، وقد قال تعالى عن خليله: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩)} مريم: ٤٨ - ٤٩، وهذا هو دعاء المسألة المتضمن للعبادة، فصار الدعاء من أنواع العبادة؛ وكل أمرٍ شرعه الله لعباده وأمرهم به، ففعلُه لله عبادة، فإذا صرف من تلك العبادة شيئاً لغير الله فهو مشرك، مصادم لما بعث الله به رسوله من قوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤)} الزمر: ١٤، ومن جعل بينه وبين الله وسائط، يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعاً" (٣).

"ومن ثم فإن صرف دعاء المسألة للأموات إلحاد في توحيد الأسماء والصفات من جهة ومن جهة أخرى شرك ظاهر في العبادة، فالذي يستغيث ويطلب المدد من غير الله يثبت له بدلالة اللزوم صفة الحياة؛ لأنه لو اعتقد أنه ميت ما توجه إليه بالنداء والدعاء


(١) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (٧/ ٢٩).
(٢) ينظر: فتح المجيد (ص ١٧٩)، إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ١٩٣)، الأصول الثلاثة للشيخ عبد الرحمن البراك (ص ٢٢)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (٧/ ٢٨)، الجديد في شرح كتاب التوحيد (ص ١٢١)، معارج القبول (٢/ ٤٥٣)، الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية لسليمان بن سحمان (ص ٢١٦).
(٣) فتح المجيد (١٨٠، ١٨١)، وينظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ١٠)، إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ١٩٤)، تيسير العزيز الحميد. (١/ ٢٧٣)، البلاغ المبين لعبد المجيد يوسف الشاذلي (١/ ١٢١)، الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق، لسليمان بن سحمان (١/ ٤٦٠).

<<  <   >  >>