للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بآبائها فقال: (لا تحلفوا بآبائكم) (١)، رواهما مسلم وغيره، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بغير الله، والأصل في النهي التحريم، بل ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سماه: شركاً، روى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) (٢)،

وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) (٣)، وقد حمل العلماء ذلك على الشرك الأصغر، وقالوا: إنه كفر دون الكفر الأكبر المخرج من الملة والعياذ بالله فهو من أكبر الكبائر، ولهذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً" ويؤيد ذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لأخيه: تعال أقامرك فليتصدق) (٤)، فأمر - صلى الله عليه وسلم - من حلف من المسلمين باللات والعزى أن يقول بعد ذلك: لا إله إلا الله، لمنافاة الحلف بغير الله كمال التوحيد الواجب؛ وذلك لما فيه من إعظام غير الله بما هو مختص بالله وهو الحلف به، وما ورد في بعض الأحاديث من الحلف بالآباء فهو قبل النهي عن ذلك جرياً على ما كان معتاداً في العرب الجاهلية، والحلف بغير الله قد يكون شركاً أكبر وقد يكون شركاً أصغر على حسب ما يقوم بقلب الحالف" (٥).

ويقرر الشيخ كذلك - رحمه الله -: "أن الفقهاء؛ كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي رحمهم الله قالوا: إن الحلف بغير الله مطلقاً منهي عنه سواء كان المحلوف به نبياً أم غيره ولا ينعقد


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب لا تحلفوا بآبائكم برقم (٦٦٤٨)، ومسلم في كتاب الأيمان باب النهي عن الحلف بغير الله برقم (١٦٤٦).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (٥٣٥٢)، أبو داود في كتاب الأيمان والنذور باب كراهية الحلف بالآباء برقم (٣٢٥١)، والترمذي في كتاب الأيمان والنذور باب في الكراهية الحلف بغير الله برقم (١٥٣٤) وحسنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة الكاملة (٥/ ٤١) والإرواء برقم (٢٦٢٧)، وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين ..
(٣) أخرجه الترمذي في كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بغير الله، برقم (١٥٣٥)، والحاكم في المستدرك في كتاب الأيمان والنذور برقم (٧٩٠٣)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٩٩).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله برقم (٦٣٠١)، ومسلم في كتاب الأيمان باب من حلف بلات والعزى فليقل لا إله إلا الله برقم (١٦٤٧).
(٥) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٣٤٠ - ٣٥٨).

<<  <   >  >>