والتوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ينقسم إلى قسمين:
أولاً: التوسل بالإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطاعته. وهذا فرض عين على كل مسلم في كل حال، ولا يسقط عن أحد من الخلق بعد قيام الحجة عليه، ولا يعذر فيه بأي عذر. وقد جعل الله الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته وسيلة إلى كل خير ورحمة في الدنيا والآخرة.
ويقع التوسل بهذا النوع على وجهين:
- فتارة يتوسل المسلم بالإيمان بالرسول وطاعته ومحبته إلى ثواب الله وجنته.
- وتارة يتوسل بذلك في الدعاء فيقول مثلا: اللهم بإيماني بنبيك وطاعتي له وحبي إياه اغفر لي.
ثانياً: التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته، وذلك في حياته. كما كان الصحابة يفعلونه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من طلب الدعاء منه - كما في حديث الأعمى-، والاستغفار لهم، وطلب السقيا لهم.
كما يكون في الآخرة بطلب الخلق منه أن يشفع لهم عند ربهم للقضاء بين العباد وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون.
وهذا النوع من التوسل يقع على وجهين أيضاً:
الأول: أن يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدعاء والشفاعة فيدعو ويشفع كما كان الصحابة يطلبون منه فيدعو لهم. وكما يطلب الخلق منه ذلك في يوم القيامة. وأحاديث الاستسقاء وغيرها توضح ذلك أتم توضيح.
الثاني: أن يضيف إلى ذلك سؤال الله تعالى بشفاعة نبيه ودعائه وذلك كما في حديث الأعمى فإنه طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدعاء والشفاعة، فدعا له الرسول وشفع فيه وأمره أن يدعو الله فيقول: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليه بنبيك محمد نبي الرحمة) الحديث. وفيه: (اللهم فشفعه في) فأمره أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه.
وهذا النوع من التوسل لا يجوز إلا في حياته - صلى الله عليه وسلم - أما بعد مماته فلا يجوز بحال من الأحوال فلا يطلب منه الدعاء لا عند قبره، ولا في أي مكان آخر. ولم يفعل ذلك الصحابة والتابعون ولا من بعدهم. ولم ينقل عنهم بوجه صحيح أن ذلك جائز (١).
(١) ينظر لما سبق: مجموع الفتاوى (١/ ١٠٥، ١٤٠)، محبة الرسول بين الاتباع والابتداع لعبد الرءوف محمد عثمان (١/ ٣٣٩ - ٣٤٢)، التمهيد لشرح كتاب التوحيد (٢/ ٣٨٦)، التوصل إلى حقيقة التوسل (١/ ٢٣٢)، مجموع فتاوى ابن باز (٥/ ٣٢٢)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (٥/ ٢٨٨).