للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أهل السنَّة والجماعة فتمسكوا بالكتاب والسنَّة في هذا الباب وغيره واعتقدوا أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى في كل شيء مما يوافق ما شرعه الله وما يخالفه: من أفعال العباد وأقوالهم. فالكلُّ بمشيئة الله وإرادته. فما وافق ما شرعه رضيه وأحبه، وما خالفه كرهه من العبد، كما قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر: ٧.وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما شاء الله وشئت، قال: (أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده) (١).

وهذا يقرر ما تقدَّم من أن هذا شرك؛ قال: (أجعلتني لله نداً؟) فيه: بيان أن من سوَّى العبد بالله ولو في الشرك الأصغر فقد جعله نداً لله، شاء أم أبى، خلافاً لما يقوله الجاهلون، مما يختص بالله تعالى من عبادة، وما يجب النهي عنه من الشرك بنوعيه. و (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) (٢) " (٣).

قال الشيخ الألباني (٤)

- رحمه الله -: "وفي هذه الأحاديث أن قول الرجل لغيره (ما شاء الله وشئت) يعتبر شركا في نظر الشارع، وهو من شرك الألفاظ، لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى، وسببه القرن بين المشيئتين ... " (٥)


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (١٨٤٢) و (١٩٦٥)، والبخاري في الأدب المفرد، برقم (٧٨٧)، والبيهقي في السنن في كتاب الجمعة باب ما يكره من الكلام في الخطبة، برقم (٥٣٨٦)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (١٣٩) (١/ ٢١٦).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب العلم باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، برقم (٧١) و (٣١١٦) و (٧٣١٢)،وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة النهي عن المسألة برقم (١٠٣٧).
(٣) فتح المجيد (٤٦٥ - ٤٦٨).
(٤) هو: محمد بن ناصر الدين بن نوح نجاتي بن آدم الألباني، أحد علماء المحدثين المعاصرين، من مؤلفاته: التوسل أنواعه وأحكامه، سلسلة الأحاديث الصحيحة، وغيرها، توفي سنة ١٤٢٠ هـ.

ينظر: حياة الألباني وآثاره، لمحمد بن الوليد الطرطوشي.
(٥) السلسلة الصحيحة (١/ ٢١٦).

<<  <   >  >>