للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-الراوي-: فما رأيت مالكاً وجد من شيء كما وجد من مقالته، وعلاه الرحضاء (١) يعني العرق. قال: وأطرق القوم وجعلوا ينظرون ما يأتي منه فيه. قال: فسري عن مالك فقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فإني أخاف أن تكون ضالاً، وأمر به فأخرج.

الطريقة الثانية: أن القول في الصفات كالقول في الذات؛ فإن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ فكما أن ذاته لا تماثل الذوات فكذلك صفاته سبحانه لا تماثل صفات سائر الذوات (٢).

حكم التكييف:

التكييف حرام لأنه من القول على الله بلا علم؛ لأن الله أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها؛ أخبرنا أنه استوى على العرش ولم يخبر كيف استوى وهكذا.

والقول على الله بلا علم حرام؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} الأعراف: ٣٣.

قال ابن القيم - رحمه الله -: " ورتب هذه المحرمات -يعني في الآية المتقدمة- أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش (٣)، ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو


(١) بضم الراء وفتح الحاء والضاد، وقد جاء في كتب اللسان أنه العَرق الكثير الذي يغسل الجلد لكثرته ولا يكون إلا من شكوى.
ينظر: لسان العرب (٧/ ١٥٤).
(٢) ينظر: التدمرية (ص ٤٤)، مجموع الفتاوى (٥/ ١١٤ - ١١٥).
(٣) الفواحش من الكبائر لكن وصفها بالأسهل بالنسبة لما هو أكبر منها.
ينظر: نواقض توحيد الأسماء والصفات (ص ٥٠).

<<  <   >  >>