للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم (١).

يقول العلامة ابن القيم - رحمه الله -: " قد دل الكتاب والسنة على أصناف الملائكة، وأنها موكلة بأصناف المخلوقات ... تتنزل بالأمر من عند الله في أقطار العالم، وتصعد إليه بالأمر، قد أطت (٢) السماء بهم ... ويدخل البيت المعمور كل يوم منهم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه (٣) ...

والقرآن مملوء بذكرهم، وأصنافهم، وأعمالهم، ومراتبهم ... بل لا تخلو سورة من سور القرآن عن ذكر الملائكة تصريحاً، أو تلويحاً، أو إشارة؛ وأما ذكرهم في الأحاديث النبوية فأكثر وأشهر من أن يذكر، ولهذا كان الإيمان بالملائكة - عليهم السلام - أحد الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان" (٤).

وإجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - على سؤال جبريل عن الإيمان ببيان أركانه الستة، وإخباره بأن الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان، دليل واضح على أن وجود الملائكة ثابت بالدليل القطعي الذي لا يمكن أن يتطرق إليه شك.

ومن هنا كان إنكار وجود الملائكة كفر، لمخالفته نص كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين، فمن كفر بهم أو حاول التشكيك في وجودهم فهو كاذب كافر لا حظ له في الإسلام لتكذيبه لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين.


(١) ينظر لما سبق: معارج القبول (٢/ ٦٣)، فتاوى ابن عثيمين (٥/ ١١٦)، ورسائل في العقيدة لابن عثيمين (ص ١٩ - ٢٠)، الإيمان لمحمد ياسين (ص ٤٧).
(٢) أط: الأطيط الحنين والنقيض وهو صوت الأقتاب، والمعنى: أن كثرة ما فيها من الملائكة أثقلتها، حتى أنقضتها. وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثمة أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى.
ينظر: الفائق في غريب الحديث، لمحمود بن عمر الزمخشري (١/ ٤٩)، النهاية في غريب الأثر للجزري (١/ ٥٤).
(٣) قال ابن الأثير: وهذا مثل وإيذان لكثرة الملائكة، كثرة لا يسعها عقل البشر. وقال ابن الزملكاني: وقد دل هذا الخبر ونحوه على أن الملائكة أكثر المخلوقات عددا، وأصنافهم كثيرة.

ينظر: النهاية في غريب الحديث (١/ ٥٤)، الدر المنثور للسيوطي (٦/ ١١٧).
(٤) إغاثة اللهفان (٢/ ١٢٥ - ١٣١)، وشرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>