للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه وعن غير واحد من الصحابة أنه قال: (إن الله إذا تكلم بالوحي أخذ الملائكة مثل الغشي)، وفى رواية: (إذا سمعت الملائكة كلامه صعقوا) (١)، وفى رواية: (سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فإذا فزع عن قلوبهم - أي أزيل الفزع عن قلوبهم- قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق فينادون الحق الحق) (٢)، فقد أخبر في هذه الأحاديث الصحيحة أنهم يصعقون صعق الغشي فإذا جاز عليهم صعق الغشي جاز صعق الموت ...

وصعق الغشي هو مثل صعق موسى عليه السلام قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} الأعراف: ١٤٣، والقرآن قد أخبر بثلاث نفخات نفخة الفزع ذكرها في سورة النمل في قوله: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} النمل: ٨٧.

ونفخة الصعق والقيام ذكرهما في قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨)} الزمر: ٦٨، وأما الاستثناء فهو متناول لمن دخل في الجنة من الحور العين فإن الجنة ليس فيها موت ومتناول لغيرهم ولا يمكن الجزم بكل من استثناه الله فإن الله أطلق في كتابه، وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى آخذا بساق العرش فلا أدرى هل أفاق قبلي أم كان ممن استثناه الله) (٣)، وهذه الصعقة قد قيل إنها رابعة وقيل إنها من المذكورات في القرآن.


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة في باب ذكر الكلام والصوت والشخص وغير ذلك برقم (٥١٥)، وابن خزيمة في التوحيد في باب صفة تكلم الله بالوحي ... وصعق أهل السماوات ... برقم (٢٠٦)، إسناده ضعيف لأن في الإسناد الوليد بن مسلم القرشي مدلس ولم يصرح بالسماع من شيخه وفي الإسناد كذلك نعيم بن حماد الخزاعي وهو صدوق يخطئ كثيرا.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب السنة باب في القرآن برقم (٤٧٣٨)، ابن حبان في صحيحه في كتاب الوحي برقم (٣٧)، وابن خزيمة في التوحيد (٢٠٧)، في هذا الخبر أبي معاوية، إسناده ضعيف، وللحديث شواهد صحيحة فقد أخرج البخاري في كتاب تفسير سورة سبأ، باب: (حتى إذا فزع عن قلوبهم) برقم (٤٨٠٠) شاهداً للحديث السابق.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي، برقم (٢٤١١)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام، برقم (٢٣٧٥).

<<  <   >  >>