للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل العقلي:

قال محمد رشيد رضا (١): "ولو كان الاستدلال بعدم رؤية الشيء على عدم وجوده صحيحاً وأصلاً ينبغي للعقلاء الاعتماد عليه، لما بحث عاقل في الدنيا عما في الوجود من المواد والقوى المجهولة، ولما كُشفت هذه الميكروبات التي ارتقت بها علوم الطب والجراحة إلى الدرجة التي وصلت إليها، ولا تزال قابلة للارتقاء بكشف أمثالها، ولما عرفت الكهرباء التي أحدث كشفها هذا التأثير العظيم في الحضارة، ولو لم تكشف الميكروبات - وأخبر أمثالهم بها في القرون الخالية - لعدُّوه مجنوناً، وجزموا باستحالة وجود أحياء لا ترى، إذ يوجد في نقطة الماء ألوف الألوف منها، وأنها تدخل في الأبدان من خرطوم البعوضة أو البرغوث .. الخ، كما أن ما يجزم به علماء الكهرباء من تأثير في تكوين العوالم، وما تعرفه الشعوب الكثيرة الآن من تخاطب الناس بها من البلاد البعيدة بآلات التلغرف والتليفون اللاسلكية - كله مما لم يكن يتصوره عقل، وقد وقع بالفعل" (٢).

ومما تقدم وغيره من الأدلة الكثيرة يدل على أن وجود الجن ليس بمستبعد في ميزان العقل، في الوقت الذي ثبت فيه وجود أشياء كثيرة في هذا الكون غائبة عن حواسنا، وجهل بعض الناس بهذا المخلوق ليس مبرراً لإنكار وجوده، فعلم الإنسان محدود جداً.


(١) هو محمد رشيد بن علي رضا بن شمس الدين بن بهاء الدين القلموني الحسيني .. يرجع نسبه لآل البيت .. ولد في٢٧/ ٥/١٢٨٢ هـ في قرية قلمون جنوب طرابلس الشام، كان متصوفاً ثم تأثر بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهم الله تعالى- .. ولقد أحدثت له حركة ونشاط بدل الخمول وغيبة الوعي والانغماس في البدع والضلال كما في الصوفية .. توفي: يوم الخميس الموافق (٢٣ من جمادى الأولي ١٣٥٤ هـ = ٢٢ من أغسطس١٩٣٥ م)، عن سبعين عامًا. من مؤلفاته:
الخلافة، السنة والشيعة، حقيقة الربا، مناسك الحج تاريخ الأستاذ الإمام.
ينظر: الأعلام للزركلي (٦/ ١٢٦)، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (٩/ ٣١٠)، رشيد رضا الإمام المجاهد لإبراهيم العدوي، رشيد رضا لأحمد الشرباصي.
(٢) تفسير المنار (٨/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>