للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْكُمْ} الأنعام: ١٣٠، وغير ذلك من الآيات التي توعدت الكافرين من الجن والإنس بالتعذيب في النار، كقوله تعالى {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥)} فصلت: ٢٥. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلتُ إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) (١).

قال السبكي (٢): "ومحل الاستدلال قوله: (وأرسلت إلى الخلق كافة) فإنه يشمل الجن والإنس، وحمله على الإنس خاصة تخصيص بغير دليل، فلا يجوز. ثم يقول: وحديث مسلم الذي استدللنا به أصرح الأحاديث الدالة على شمول الرسالة للجن والإنس" (٣).

إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على تكليف الجن، وفي هذا دلالة على أن لهم إرادة واختياراً، وإلا لما طولبوا بالإيمان وترك الكفر.

¤أن الجن يتشكلون ويرون.

قال الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله -: " عالم الجن وأحوالهم غيبي بالنسبة للإنس لا يعلمون منهما إلاَّ ما جاء في كتاب الله تعالى أو صح من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجب الإيمان بما ثبت في ذلك بالكتاب والسنة دون استغراب أو استنكار والسكوت عما عداه" (٤).

والذي تشير إليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الجن يتشكلون بالصور المختلفة. قال ابن تيمية - رحمه الله -: "والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم، فيتصورون في صور


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة، المقدمة، برقم (٥٢٣).
(٢) هو علي بن عبد الكافي بن علي السبكي، تقي الدين، أبو الحسن، أشعري شافعي، من مؤلفاته: شفاء السقام في زيارة خير الأنام، السيف المسلول علي من سب الرسول، الفتاوى، توفي سنة ٧٥٦ هـ.
ينظر: طبقات الشافعية الكبرى (٦/ ١٤٦)، الدرر الكامنة (٣/ ٦٣).
(٣) فتاوى السبكي (٢/ ٥٩٧).
(٤) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٢٧٩ - ٢٨٢).

<<  <   >  >>