للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ذاك شيطان) (١).

وهذه الرواية وغيرها تدل على تشكل الجن ورؤيتهم في صورهم التي تشكلوا بها.

٣ - روى مسلم في صحيحه: أن أبا السائب (٢) دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: فوجدته يصلي، قال: فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكاً في عراجين (٣)

في ناحية البيت، فالتفتُّ فإذا حية، فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن أجلس، فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس. قال: فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوماً، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وأدخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار، فاضطربت عليه، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً: الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جناً قد أسلموا،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئاً فأجازه برقم (٢٣١١).
(٢) هو: أبو السائب الأَنْصارِيّ المدني، مولى هشام بن زهرة، ويُقال: مولى عَبد الله بن هشام بن زهرة، ويُقال: مولى بني زهرة.
ينظر: تهذيب الكمال للمزي (٣٣/ ٣٣٨)، تقريب التهذيب لابن حجر (ص ٦٤٣)، معاني الأخبار لبدر الدين العيني (٥/ ٣٣٤).
(٣) العرجين: أراد بها العيدان التي في سقف البيت.

ينظر النهاية في غريب الحديث (٣/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>