للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول بالمغايرة بينهما، وثبوت الفرق فيهما هو قول الجمهور، وإن اختلفوا في تحديد وجهه (١).

وهو ما قرره الشيخ - رحمه الله -.

وقد فرق شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بين النبي والرسول، بقوله: " النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة، فهو نبي وليس برسول قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} الحج: ٥٢، وقوله: {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} الحج: ٥٢، فذكر إرسالاً يعمّ النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح - عليه السلام -، وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس وقبلهما آدم كان نبيا مكلماً، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين لكونهم مؤمنين بهم، وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة فإن أرسلوا إلى كفار يدعونهم إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له فهم رسل، وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فإن يوسف كان رسولا وكان على ملة إبراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة" (٢).

وعليه فالنبي والرسول بينهما عموم وخصوص مطلق، وكذا النبوة والرسالة، فالرسالة أعم من جهة نفسها؛ إذ النبوة داخلة في الرسالة، كما أنها أخص من جهة أهلها؛ إذ كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والرسالة أفضل من النبوة، والرسول أفضل من النبي (٣).


(١) ينظر: المصادر السابقة.
(٢) النبوات (٢/ ٧١٤).
(٣) ينظر: الإيمان لابن تيمية (ص ٦ - ٧)، شرح الطحاوية (١/ ١٥٥)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٤٩ - ٥٠).

<<  <   >  >>