للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم - المرسل إلى جميع الناس (١).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وبالجملة فينبغي للعاقل أن يعلم أن قيام دين الله في الأرض إنما هو بواسطة المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلولا الرسل لما عبد الله وحده لا شريك له، ولما علم الناس أكثر ما يستحقه سبحانه من الأسماء الحسنى والصفات العُلى، ولا كانت له شريعة في الأرض" (٢).

قال ابن كثير - رحمه الله -: " ... والمقصود أن من كفر بنبي من الأنبياء فقد كفر بسائر الأنبياء فإن الإيمان واجب بكل نبي بعثه الله إلى أهل الأرض فمن رد نبوته للحسد أو العصبية أو التشهي تبين أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيماناً شرعياً، إنما هو عن غرض وهوى وعصبية" (٣). فمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعضهم أو كلهم لا غبار على وضوح كفره لأن كفره بالرسل كفر بالله تعالى.

ويحكي ابن تيمية - رحمه الله - الإجماع على كفر ساب نبي من الأنبياء أو إنكار رسالته، فيقول: "من خصائص الأنبياء أن من سب نبياً من الأنبياء قتل باتفاق الأئمة، وكان مرتداً، كما أن من كفر به وبما جاء به كان مرتداً، فإن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالله وملائكته ورسله" (٤).

ويقول أيضاً: "والمسلمون آمنوا بالأنبياء كلهم ولم يفرقوا بين أحد منهم، فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، ومن سبّ نبياً من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء" (٥).


(١) ينظر: تعظيم قدر الصلاة لمحمد المروزي (١/ ٣٩٣)، المنهاج للحليمي (١/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، شعب الإيمان للبيهقي (١/ ٣٧١)، جامع العلوم والحكم (١/ ١٠٢)، فتح الباري (١/ ١١٨)، معارج القبول (٢/ ٦٧٧)، فتاوى ابن عثيمين (١/ ١٢٤ - ١٢٥)، مباحث العقيدة في سورة الزمر لناصر الشيخ (ص ٤٧١).
(٢) الصارم المسلول (ص ٢٤٩).
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ٤٤٥).
(٤) الصفدية (١/ ٢٦١).
(٥) الصفدية (٢/ ٣١١)، وينظر: البحر الرايق لابن نجيم (٥/ ١٣٠)، وغني المحتاج للخطيب الشربيني (٤/ ١٣٤)، نهاية المحتاج للرملي (٧/ ٣٩٥)، شرح منتهى الإرادات للبهوتي (٣/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>