للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن السنة

-حديث الشفاعة واعتذار الأنبياء عنها حتى تصل إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - فيشفع (١).

وأما قولهم إن الذنوب تنافي الكمال، فهذا صحيح مع عدم التوبة ولكن مع التوبة فغير صحيح لأن التوبة تغفر الحوبة، ولا تنافي الكمال، ولا يتوجه إلى صاحبها الذم واللوم، بل إنه في أحيان كثيرة يكون العبد بعد توبته خيراً منه قبل وقوع الذنب، وذلك لما يقوم في قلب العبد من الإنابة والخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى، يدفعه إلى كثرة الاستغفار وبذل الجهد في العمل الصالح لمحو السيئات. وقد قال تعالى في فضل التوبة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} البقرة: ٢٢٢، وقال عليه الصلاة والسلام: (لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) (٢).

فالأنبياء -صلوات الله عليهم- لا يقرون على الذنب، ولا يؤخرون التوبة، فالله عصمهم من ذلك وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها (٣).

قال ابن قتيبة (٤) - رحمه الله -: "يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوباً، ويحملهم التنزيه لهم -صلوات الله عليهم- على مخالفة كتاب الله جل ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة" (٥).


(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قول الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} البقرة: ٣١، برقم (٤٤٧٦)، ومسلم في كتاب الإيمان باب في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنا أول الناس يشفع في الجنة) برقم (١٩٧) وجميعهم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الدعوات، باب التوبة، برقم (٦٣٠٨) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وأخرجه مسلم في كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها (٢٦٧٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٩٣ - ٣١٣) و (١٥/ ١٥٠).
(٤) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد، خطيب أهل السنة وأحد أئمة السلف، من مؤلفاته: تفسير غريب القرآن، تأويل مختلف الحديث، الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية وتأويل مشكل القرآن وغيرها، توفي سنة ٢٧٦ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٩٦)، شذرات الذهب (٢/ ١٦٩).
(٥) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة - رحمه الله - (ص ٤٠٢).

<<  <   >  >>