للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي عند قوله تعالى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} المائدة: ١٧: "عيسى من أم بلا أب آية لعباده" (١).

وقيل كذلك: " يعني من غير اعتراض عليه فيما يخلق لأنه خلق آدم من غير أب وأم وخلق عيسى من أم بلا أب وخلق سائر الخلق من أب وأم {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} المائدة: ١٧، يعني أن الله تعالى لا يعجزه شيء أراده فلا اعتراض لأحد من خلقه عليه" (٢).

وقيل عند قول الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)} آل عمران: ٥٩، فليس خلق عيسى من أم دون أب بموجب كونه ابن الله تعالى" (٣).

د- رفع الله لعيسى - عليه السلام -.

يقرر الشيخ معتقد أهل السنة والجماعة في رفع عيسى - عليه السلام -، فيقول: "ذهب أهل السنة والجماعة إلى أن المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام لم يمت وإنما رفع إلى السماء وسينزل في آخر الزمان حكماً عدلاً في هذه الأمة ثم يموت، وعلى ذلك دلت نصوص القرآن والأحاديث الصحيحة، قال الله تعالى في فرية اليهود والرد عليها: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨)} النساء: ١٥٧ - ١٥٨، فأنكر سبحانه على اليهود زعمهم أنهم قتلوه أو صلبوه، وأخبر أنه رفعه إليه رحمة به وتكريماً له، وجعل ذلك آية من آياته التي يؤتيها من شاء من رسله، وما أكثر آيات الله في عيسى ابن مريم، ومقتضى الإضراب في قوله تعالى: {بَلْ


(١) تفسير القرطبي (٦/ ١١٩).
(٢) لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن (٢/ ٢٨).
(٣) التحرير والتنوير (١/ ٦٨٧) (٣/ ٣٦٣)، ينظر: النبوات لابن تيمية (ص ٦٥)، مجموع الفتاوى (١٧/ ٢٦٨، ٢٨٢)، الضوء اللامع للسخاوي (٢/ ٢٩٦)، تفسير السعدي (ص ١٣٣).

<<  <   >  >>