للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تقع فيما مضى من حياته التي كان فيها بين الناس لأنه رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فلم يبق إلا أن هذه الخصيصة ستتحقق فيما يستقبل من الزمان، ويكون المعنى أنه سيرفع إلى السماء قبل أن يكتهل، ثم ينزل فيبقى في الأرض أربعين سنة - كما ثبت في الحديث - إلى أن يكتهل، فيكلم الناس كهلاً كما كلمهم طفلاً، وتتحقق له هذه الآية والمعجزة التي أخبر الله عنها في كتابه" (١).

وعليه فمن قال بموت عيسى فيكون مخالفاً للآيات الواضحات وراداً للأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول عند علماء المسلمين الشاهدة شهادة صريحة بنزوله ودعوته إلى الحق وحكمه به وقتله الخنزير وكسره الصليب .. إلى آخر ما ثبت من أحواله بعد نزوله.

وعليه فلا بُدّ أن يقر بما قال به أهل السنة والجماعة من إنجاء الله عيسى من كيد اليهود ورفعه إليه بدناً ورحاً، وإنزاله آخر الزمان حكماً عدلاً، أما من كُتب عليه الشقاء فلا ينفعه ما ذُكر من آيات الكتاب العزيز والسنة الصحيحة {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} البقرة: ٢٦٩.

ز- الدلالة على موت عيسى - عليه السلام - بعد نزوله من السماء.

يقول الشيخ - رحمه الله -: " وفي قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨)} الأنبياء: ٨، الحكم بأن الأنبياء والمرسلين لا يخلدون في الدنيا، وأهل السنة يؤمنون بذلك، وأن عيسى كغيره من المرسلين يأتي عليه الموت كغيره، إلا أن الكتاب والسنة دلا على أن ذلك بالنسبة له لا يكون إلا بعد نزوله من السماء حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير.

لو شاء الله أن يهلكه وأمه ومن في الأرض جميعا من المخلوقات لفعل ولكنه لم يعمهم بالهلاك، بل أجرى فيهم سنته بالإهلاك في مواقيت محدودة اقتضتها حكمته سبحانه، وكان من حكمته أنه لم يهلك عيسى عليه السلام حينما تآمر عليه اليهود ولا بعد رفعه" (٢).


(١) المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود (١٠/ ٤٩١).
(٢) فتاوى اللجنة (٣/ ٣١٢ - ٣١٤).

<<  <   >  >>