للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درجته إلى الأدلة التفصيلية لينزل على ضوئها كل فعل أو قول منزلته، وهو شبيه في الجملة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} النحل: ٩٠ الآية" (١).

وبين الشيخ - رحمه الله - عودة الضمير في قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ...} النور: ٦٣، فيقول: " جملة {... قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ ...} النور: ٦٣، جاءت تابعة لقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ...} النور: ٦٣، تقريراً للنهي وتهديداً لمن خالف؛ فكان الواجب رجوع الضمير إلى الرسول؛ فإنه المقصود في الآية بالتحذير من مخالفة أمره على أن نصوص الشريعة قررت التلازم بين طاعة الله وطاعة رسوله ومعصية الله ومعصية رسوله - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

ويقول كذلك الشيخ - رحمه الله -: " بين مشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين تلازمٌ كالتلازم بين معصية الله ومعصية رسوله، فكل ما كان مشاقة للرسول؛ فهو اتباع لغير سبيل المؤمنين، وكذا العكس، كما أن كل معصية لله معصية لرسوله وكل طاعة لله أو لقضائه طاعة لرسوله ولقضائه، وكذا العكس، قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} النساء: ١٣ - ١٤، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} الأحزاب: ٣٦، وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ...} النساء: ٦٩. وفي الحديث:


(١) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، ينظر: المسألة السادسة من مسائل الأوامر والنواهي في كتاب "الموافقات"للشاطبي.
(٢) الإحكام (١/ ٢٤٢)، وينظر: الإحكام (١/ ٢٤٤،٢٤٩).

<<  <   >  >>